لا تزال قضية الصواريخ "اللقيطة"، التي أطلقت من منطقة تقع عقارياً في بلدة عيتات على الضاحية الجنوبية، تثير حولها علامات الإستفهام، لا سيما أن ليس هناك من جهة محددة أعلنت مسؤوليتها عن هذه العملية، التي كان من الممكن أن يكون لها تداعيات خطيرة على السلم الأهلي، فيما لو سقطت في مكان آخر، أو أدت إلى وقوع أعداد كبيرة من الضحايا.

وفي هذا السياق، تشير مصادر متابعة لهذه القضية إلى أن المنطقة التي أطلقت منها الصواريخ معزولة عن السكان، حيث تلفت إلى أن لا تواجد لمنازل فيها باستثناء ما يقارب الثلاث، وتوضح أنها منطقة يتردد اليها "صيادون" من المناطق المحيطة، لا سيما من الشويفات وعين عنوب وعيتات، لكن تؤكد أنها ليست منطقة "فلتانة" من الناحية الأمنية، لا سيما أن لها أهمية خاصة بالنسبة إلى "الحزب التقدمي الإشتراكي"، وتشدد على أن من السهولة رصد حركة أي شخص غريب عن المنطقة، خصوصًا إذا كانت حركته "مشبوهة" نوعاً ما، نظرا لاحتمال اصطدامه بـ"الصيادين" المتواجدين بشكل دائم في المنطقة.

وتلفت المصادر، التي ترفض توجيه الإتهام إلى "الإشتراكي" بشكل مطلق، على إعتبار أن لا مصلحة له من الناحية العملية بهذا الموضوع، إلى أن الموقف الواضح الصادر عن رئيس جبهة "النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط، ومسارعته إلى التواصل مع قيادتي "حزب الله" وحركة "أمل" يؤكد الأهمية الكبيرة التي لهذه المنطقة بالنسبة له، التي تعتبر أحد مداخل مدينة الشويفات إلى الجبل، بعيداً عن الخط العام، وتشدد على أن الحزب يحرص على أن تكون هذه المنطقة مضبوطة، وتتحدث عن طلب أحد مسؤوليه الأمنيين قبل مدة من بلدية الشويفات وضع نقطة حرس بلدي في المكان، مع العلم أن المنطقة تقع خارج نطاق البلدية، إلا أن من الممكن حصول ذلك على إعتبار أنها أحد مداخل المدينة.

وترى المصادر أن هناك اكثر من سيناريو من الممكن الحديث عنه حول هذا الموضوع، ولا تستبعد أن يكون هناك خرق أمني ما أدى إلى حصول هذه العملية، لا سيما أن أحداً لا يمكن أن يفكر بالقيام بهذا الفعل من دون أن يكون مطلعاً على أجواء المنطقة، على إعتبار أن الطرقات التي سيسلكها بعد التنفيذ محدودة جداً، وبالتالي من المؤكد أن مطلقيها قاموا بالإعداد الجيد لها، وترفض الفرضية التي تتحدث أنها جاءت رداً على خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، لأن الوقت الفاصل لم يكن يسمح بالتحضير لها.

بالنسبة إلى مصادر حزبية من داخل المنطقة، فإن ما حصل لا يمكن فصله عن مسار ما يجري في العديد من بلدات الجبل منذ فترة، حيث تتحدث عن تواجد كثيف لعناصر من المعارضة السورية فيها، وتشير إلى أن هناك ما يقارب 30 ألف نازح في الشويفات، وما بين 1000 و1500 في كل من عيتات وعين عنوب، وتؤكد أن ليس هناك من متابعة جدية لهؤلاء، كما هو الوضع في معظم المناطق اللبنانية، حيث أن هناك بعض العائلات المسجلة في البلديات، على الرغم من تواجد أشخاص غير مسجلين.

ومن جهة ثانية، تؤكد أن جنبلاط لا يمكن أن يغطي هكذا عمل، وترى أن "البيك" أذكى من ذلك، خصوصاً أنه يعرف جيداً النتائج المترتبة عليه، لكنها ترى أن ما حصل يفترض متابعته بشكل دقيق، لأنه مؤشر على وجود مجموعات أو أفراد في المنطقة غير منضبطين، وتذكر بما حصل خلال أحداث 7 أيار من العام 2008، عندما تم الكشف عن مجموعة درزية أصولية مسلحة، أرادت قتال "حزب الله" بمعزل عن قرار "الإشتراكي".

في المحصلة، هناك معلومات متضاربة حول هذا الموضوع، لكن ما هو مؤكد أن هناك جهات حزبية مصرة على كشف من يقف وراء هذه العملية، نظرًا لتداعياتها الخطيرة على المنطقة بشكل عام، في ظل الحرص على عدم دخول منطقة الجبل في المجهول، مع الأخذ بالعلم أن بعض الخيوط القوية حول بعض الأشخاص بدأت تجمع.