ليس مفاجئا ان يتم القبض على تجار ومروجي مخدرات في لبنان، وليس مستغربا ان يطلق بعضهم بفعل النفوذ السياسي او ان يبقى على ابرياء او متهمين للتحقيق.
لفتني في الحادثة الاخيرة التي اثارتها صحيفة الاخبار في 30/05/2013 رد وزير العدل شكيب قرطباوي في اليوم التالي للصحيفة وفيه بعد تأكيد الامر، حرصه على متابعة القضية خصوصا انها تعني "اولادنا" و"مستقبل البلد". الوزير يعني بالطبع طلاب الجامعات المستهدفين الاساسيين من شبكات ترويج المخدرات.
تقاطعت التفاتة الوزير قرطباوي مع قراءتي لكتاب مذكرات حرب 1973 للواء سعد الدين الشاذلي.
الجدير ذكره ان خطة الحرب المصرية بنيت على متابعة الاوضاع البشرية في مصر. ففي وقت احتاجت فيه القوات الحربية لنحو 30000 ضابط للاشراف على تدريب الجنود في مرحلة مقدمة، كانت مصر ذات ال 35 مليون بشري عاجزة عن تلبية هذه الحاجة. طبعا ان الضباط يخضعون لمعايير ثقافية وصحية مختلفة عن الجنود.
الى هذا فان ما في خطة التعبئة التي كانت تنفذ في عام 72 قبل الحرب ان طلبات وردت الى "اركان الحرب" حول ضرورة تسريح عدد من المعلمين والمهندسين والاطباء لحاجة القطاعات المدنية لهم خصوصا ان هؤلاء اتموا الخدمة الالزامية وابقوا على لوائح الاحتياط مع استمرار الخدمة الفعلية.وايضا في مصر ذات الاقتصاد الموجه ابان فترة الذروة الاشتراكية اذكر كما ورد في الكتاب انها كانت لا تملك الاموال اللازمة للحصول على بعض الدبابات المتاحة من روسيا.
اعود الى عزيزنا قرطباوي لاوضح ما ربط تصريحه بحرب ال 73. ان الربط يأتي لطرح اسئلة على القادة السياسيين اللبنانيين وعلى الادارات العاملة.
1- هل هناك دراسات بشرية في لبنان؟ هل نعرف اليوم ما نحتاجه من مياه في عام 2020 غير البعيدة ؟ ام اننا نعتمد فقط على الامم المتحدة في ارقام قد تكون غير دقيقة؟ وان كنا نعتمد على ارقام غيرنا لماذا لا نخصص رئاسة الجمهورية والمجلس والحكومة والادارات لشركات او امم متحدة تكون اكثر نفعا لنا؟
2- هل نعرف في المخاطر التي تهددنا ولنقل عسكريا؟ فاذا كنا نعرفها هل يمكن ان نعرف ان كان من خطط موجودة او اقلها يتم العمل عليها على غرار ما فعلته مصر بعد هزيمة 67 وبدء اعداد خطة لحرب تحرير شاملة واخرى لعبور القناة؟ (تم تنفيذ الخطة الثانية لعدم توافر الموارد للاولى، وتم النجاح بفعل الحسابات العلمية وبطولة الجيش المصري في ذلك الوقت بالتعاون مع اخوتهم في الجيش العربي السوري بقيادة الرئيس حافظ الاسد)
3- ارتباطا بالسؤال الثاني ، من المفترض وحتى يتم الاتفاق على استراتيجية دفاعية (كما يقال) بمواجهة اسرائيل والاخطار ، فانه ينبغي ان تكون هناك خطة للدولة اللبنانية تقوم على "اجيال المستقبل" الذين تحدث عنهم العزيز قرطباوي. خطة فعلية يشترك فيها اللبنانيون ولا تكون خفية حتى لا يقل شخص ما انها موجودة ولكنها سرية ولا يدري بها حتى واضعوها؟!
4- استعانت مصر بالخبراء الروس قبل ان تطردهم لبناء مصانع عسكرية مختلفة يعمل بها المصريون. طبعا لن نقارن لبنان ذي ال 4 مليون نسمة اليوم مع القوة البشرية المصرية ولكن نسأل : هل نستطيع ان نحلم بأن نصنع بعض الذخائر الخاصة بنا كرصاصة كلاشينكوف ام لا؟ (ربما لا تكون ذات جدوى اقتصادية لكن لدواعي وطنية)
5- اصلا ان فكرة التخطيط المستقبلي البشري والعمراني والاقتصادي والعلمي هي فكرة غير شعبية في لبنان طالما ان الافكار السائدة هي : الله بيعطي الله بياخذ، الملك لله، الرزق على الله، الله اعلم.
اما العقل فلمن؟
اختم بالقول ان الاجيال المستقبلية في لبنان ستكون اجيالا مليئة بالخيبة من هذه الطبقة الحاكمة، مهزومة من وضعها المعيشي ، تعيش تحت حراب المجموعات الفاسدة التي طالت كل اوجه الحياة اللبنانية. فاذا فسد رجل الشرطة ورجل القضاء والحاكم بمشاركة الشعب الذي ارتضى ذلك ، اعتقد اننا سنشبه بعض الامم المندثرة عبر التاريخ او التي تعيش خارج الحضارة في ايامنا.