أشارت صحيفة "الجمهورية" إلى أن "رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب ​وليد جنبلاط​ لا ينفك في مجالسه الخاصة يعبّر عن قلقه وقرفه من الأداء الدولي عموماً، والأميركي خصوصاً، في مقاربة الأزمة السورية، حيث يتفرّج الرئيس الأميركي باراك أوباما والمجتمع الدولي عموماً على المذابح اليومية التي ترتكب بحق الشعب السوري من دون أي اكتراث".

ونقل قريبون من جنبلاط عنه إشارته إلى أن "قلقه لا يتوقف عند حدود سوريا، بل يتخطاها إلى الداخل اللبناني الذي يشهد أحداثاً واهتزازات أمنية، مترافقة مع تصعيد في الخطاب المذهبي، ما ينذر بفتنة لا تحمد عقباها".

ولفتت الصحيفة إلى أن "هذه الحال استدعت إستنفار جنبلاط قياديي ومسؤولي المناطق في الحزب التقدمي الاشتراكي والإجتماع بهم عاجلاً في قصر المختارة، حيث أكد لهم ضرورة التنبّه والحذر من الوقوع في أي مطبّ قد يتم استدراجهم إليه في الأيام المقبلة"، لافتة إلى أن "جنبلاط استفاض خلال الإجتماع في عرض الواقع السياسي المحلي والإقليمي، متمنياً على كوادر حزبه البقاء متيقّظين ومتفهّمين حساسيات الوضع الراهن، مشددا على ضرورة عدم الإصطدام مع أي مكون سياسي في الجبل، داعيا إياهم إلى التفاهم والتواصل مع "حزب الله"، بعدما كان قد شدد على هذا التنسيق عندما كلّف وفدا إشتراكيا التعزية بعنصر قتل في القُصير وهو إبن شقيق مسؤول "حزب الله" في الجبل الحاج بلال داغر".

وفي السياق نفسه، أكد جنبلاط خلال الإجتماع، أنه، ومن خلال قراءته للواقع الإقليمي وطريقة تعاطي المجتمع الدولي مع الأزمة السورية، لن يدخل في أي حرب، قائلاً: "كفى حروبا ولن نحمل أوزار أحد، وأخذنا العبرة من السابع من أيار 2008، ويجب دعم ​الجيش اللبناني​ والوقوف على الدوام في صفه"، معلنا أنه "سيرفع الغطاء السياسي عن أي عنصر إشتراكي تسوّل له نفسه القيام بأي عمل قد يؤدي إلى إشكالات أمنية أو أكثر من ذلك".

وأضافت الصحيفة أن "جنبلاط كان واضحا وحاسما أمام كوادر حزبه، وهو يتابع لحظة بلحظة مسار الأوضاع في المناطق في سياق تحصين الجبل، فيما أفادت معلومات أنه بعد حادثة إطلاق الصواريخ من عيتات في اتجاه الضاحية، رفع ​الحزب التقدمي الإشتراكي​ مستوى التنسيق مع "حزب الله"، كما أنه وخلال الزيارة الأخيرة لجنبلاط إلى اليرزة ولقائه مع قائد الجيش العماد جان قهوجي، كان تشديد على ضرورة التواصل والتنسيق بين "الإشتراكي" والجيش، والدعم المطلق للمؤسّسة العسكرية، وتزامنا فإنّ لقاء النائب أكرم شهيب مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم قد صبّ في الإطار نفسه، ما يشير إلى أن جنبلاط، المتوجس في هذه المرحلة من أي تطور، يحاول بكل ما لديه من إمكانات وعلاقات واتصالات، العمل على تحصين الجبل".

وأشارت إلى أن "قريبين من جنبلاط انتقدوا مزايدات البعض في الداخل إزاء قانون التمديد للمجلس النيابي، وأبدوا خشية من قبول المجلس الدستوري الطعن بهذا القانون، ذلك أن الرجل يدرك مدى خطورة إجراء إنتخابات نيابية في ظل الظروف الراهنة، خصوصا أن لديه أجواء غير مطمئنة الى ثنائي "القوات اللبنانية" ـ تيار "المستقبل" حول دور ما في قبول هذا الطعن، ذلك أنه يعتبر أن الأسباب الحقيقية وراء ذلك تكمن في حرب المزايدات على الساحة المسيحية، ومحاولة تيار "المستقبل" مجاراة "القوات"، خصوصا أن "المستقبل" لا يهضم في بعض الأحيان، وإن كان يتفهم، تنسيق جنبلاط وتواصله مع "حزب الله"؛ وفي المقابل، فإنّ جنبلاط بدوره ممتعض من موقف "المستقبل" و"القوات" الرافض المشاركة في الحكومة المقبلة، إذا شارك فيها "حزب الله"، لأنه يعتبر أن هذا الأمر "ضرباً من الجنون"، خصوصاً أنه يتمسّك بمشاركة الحزب في الحكومة ويصر عليها إنطلاقا من موقعه الأساسي في اللعبة السياسية الداخلية، ونظراً الى التوازن الوطني والطائفي، لأن محاولة إقصائه "بعيدة من المنطق وغير قابلة للصرف في أي مكان".

ولفتت إلى أنه "انطلاقاً من هذه المعطيات، وإزاء لعبة الأمم الدائرة في المنطقة، فإن جنبلاط ينصرف اليوم إلى تحصين وضع طائفته الداخلي وحماية الجبل من خلال التمركز في الوسط في المرحلة الراهنة، كذلك يترقّب، كسواه من الجهات السياسية، قرار المجلس الدستوري ليبني على الشيء مقتضاه، خصوصاً أنه يعتبر أن الأزمة السورية ستطول وأن تداعياتها ستكون خطيرة على لبنان، ومن غير المعقول إجراء الإنتخابات في مثل هذه الأجواء".