بعد ساعات قليلة على الاعلان الأميركي عن توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا، تحركت القيادات الرسمية السورية بسرعة لتشكيل خلايا عمل من أجل المواجهة، وقد أخذت القيادة السورية التهديدات بقدر عالٍ من الجدية، لا سيّما أن ما جرى في العراق وليبيا حاضر في الأذهان.

وفي هذا السياق، وضعت القيادة السورية نصب عينها السيناريو الاسوأ، وعليه كُثفت الاجتماعات وأعطيت التعليمات، وأطلقت ورشة ضخمة طالت جميع القطاعات العسكرية الاعلامية الاقتصادية وغيرها، بحسب ما تؤكد مصادر "النشرة".

على الصعيد العسكري، أفضت الاجتماعات والخطط إلى اعادة تموضع القوات السورية، كما كشفت "النشرة" في وقت سابق، وكان القرار بتقسيم العناصر إلى مجموعات وعدم تجمعها في مكان واحد، ورفعت الجهوزية إلى أقصى الدرجات فبدا المشهد العسكري والأمني في دمشق مختلفاً عن سابقه وهو في أعلى مستوياته، وقد أحكم ​الجيش السوري​ سيطرته بالكامل على منافذ العاصمة للتصدي لمحاولة المعارضة استغلال الضربات الأميركية من أجل القيام بأي هجوم.

هذه الجهوزية العالية توحي بأن الحرب قادمة ولن تكون لبضعة أيام، بحسب المصادر العسكرية، التي توضح أن التحضيرات في ذروتها، رغم أن آخر التسريبات الداخلية تقول إن القصف سيكون محدوداً، وتؤكد المصادر أنه سيتم التصدي بكافة الأسلحة ولن يكون الاعتداء مجرد نزهة، ويؤكد أحد المصادر الرفيعة المستوى أن "أياماً قليلة قاسية يمكن أن تمر على البلاد ولكن نثق بانتصار سوريا".

من جهة ثانية، تؤكد مصادر مطلعة أن سيناريوهات الرد على الهجوم الأميركي وضعت، وستكون قاسية جداً على المعارضة التي ستكون الخاسرة في النهاية، وترى أن "القصف شرعية أكبر للجيش السوري في حربه ضدها، وسيتدرج بشكل متواز مع الضربات ككرة النار المتدحرجة ولن تسلم اسرائيل وغيرها من الدول الداعمة."

وفي إطار التحضيرات أيضاً، يقدر المسؤولون السوريون أن "المطلوب في اللحظات الأولى من القصف عدم الارتباك ووقف أي فوضى يمكن أن يصاب بها الأهالي"، ويشير هؤلاء الى أن "المتخوف من القصف نزح إلى أماكن أخرى".

على صعيد التداعيات، يوضح سياسي رفيع المستوى عبر "النشرة" أن "البنية التحتية متضررة والاقتصاد منهك ومتهالك إذا ما الجديد، والشعب السوري يتعايش مع سقوط القذائف وأصوات المدافع يومياً"، لكنه يسأل: "ماذا عن البنية التحتية الاسرائيلية؟ هل يستطيع الاسرائيليون العيش بلا ماء وكهرباء؟".

أضف إلى ذلك، هناك أسئلة كثيرة تطرح على المستوى السياسي حول جدوى القصف وارتباطه بمؤتمر جنيف 2، حيث يدرك الجميع أن المعارضة لن تشارك في مؤتمر وهي مهزومة على الأرض، وهي بالتالي بحاجة لانتصار، لكنها مع كل الدعم اللوجستي الذي قدمته الدول الداعمة لها مؤخراً وتزويدها بالصواريخ المضادة للدبابات والطائرات لم تستطع تحقيق أي انتصار في الميدان، من هنا أدركت الولايات المتحدة أن الوقائع تؤكد أن الأمور ذاهبة لصالح النظام وأن المعارضة بحاجة لدعم جدي لاعادة التوازن، وأن القصف ربما يفسح المجال للمعارضة بتحقيق انتصار وبالتالي يمنحها بطاقات الدخول إلى المؤتمر.

وفي هذا السياق، يؤكّد مصدر سياسي لـ"النشرة" أن "دمشق لن تقبل بأمر كانت رفضته قبل أي هجوم عليها"، ويلفت إلى أنها "راغبة في المشاركة في المؤتمر الدولي للحوار مع المعارضة ولا داعي للقصف اذا كان الهدف الوصول إلى جنيف 2".

إعلامياً دعي الإعلاميون إلى اجتماع لتنظيم العمل، ووضعت ضوابط صارمة، حيث أفيد أن ما كان قبل الهجوم المزمع شنّه من قبل الولايات المتحّدة سيختلف عمّا بعده، وبالتالي ستكون البلاد في حالة حرب وعلى الجميع أخذ هذا الأمر في الاعتبار، وقد تمّ التنبيه إلى أن الهجوم سيرافقه حملة شعواء من الشائعات التي هدفها التأثير النفسي على مجريات الأحداث في وقت أن التحضيرات الرسمية أصبحت على جهوزية لمواجهة مثل الضغوط، ووضعت الخطط لتدارك اي محاولات لضرب المراكز الاعلامية واتخذت الاحتياطات اللازمة لتأمين البدائل السريعة.

رغم كل ذلك، يبقى ضجيج الحياة في الشارع السوري يحمل أقوى الرسائل، حيث تفاجأ ما أن تدخل الحدود السورية، إذ عندما تجوب شوارع دمشق لا شيء يوحي بحصول الضربة رغم المخاوف من حصولها، والسوريون لايزالون يضعون المواقف الأميركية في إطار التهديدات التي ستتوقف عند حد ما، وعند السؤال ماذا لو قصفت العاصمة السورية، يرددون: "كلنا سنقاوم".

تقرير ​غانم شرف الدين