"الاعتداء الأميركي على سوريا بات خلفنا لكنّ التحضيرات للتصدّي له لا تزال سارية، وإن خفّت وتيرتها".. قد يكون هذا الكلام الذي صدر عن مصدر سوري مطلع عبر "النشرة" خلال ساعات النهار الأكثر تعبيرا عن الصورة العامة للوضع..

هكذا، باتت طبول "التسوية" لا "الحرب" هي التي تُقرَع في المنطقة، ولم يعد الحديث عن "حرب وشيكة" سيّد الموقف، وإن استمرّت "المناوشات الكلامية" بين "المعسكرات المتخاصمة" حول "آلية" الخروج من "المأزق" بين "اشتراط" واشنطن سحب التهديدات الأميركية أولا وإصرار على "التلويح" بها، رغم كلّ شيء..

وإذا كانت التطورات الاقليمية "أحبطت" بعض "المراهنين" على الضربة في المنطقة عموما، فإن من شأنها فتح الباب أمام إعادة "إحياء" ملفات "منسيّة"، ولا سيما في الداخل اللبناني الذي "جمّدت" كلّ "استحقاقاته" رغم سياسة "النأي بالنفس"، وفي مقدّمها ملف الحكومة "العالقة"، حتى إشعار آخر، علما أنها تستطيع أن "تركيب" خلال ستّ ساعات فقط، ولكن متى "توافرت معطيات الولادة"، على حدّ تعبير الرئيس ​ميشال سليمان​..

أوباما مع "الحل السلمي"!

بعد أسبوعَين من "التلويح" بـ"الضربة المحدودة"، خفّت وتيرة "التهديدات" الأميركية، وتحوّل "خطاب الحرب" الذي كان منتظرا من الرئيس الأميركي ​باراك أوباما​ إلى "خطاب سلام" في الوقت المفترض نفسه. هكذا، لم يعد "سيّد البيت الأبيض" متحمّسا لـ"الضربة"، بل بدا كمن "يتنفّس الصعداء" بوجود بوادر "حل سلمي"، دفعه ليطلب من الكونغرس عدم التصويت حاليا على القرار إزاء سوريا بإنتظار الجهود الدبلوماسية، معلنا في الوقت عينه أنّ الهدف من الضربة كان منع الرئيس السوري بشار الأسد من استخدام أسلحة كيميائية، مؤكدا أنه لن ينشر جنودا أميركيين على الأرض السورية خصوصا بعد تجربتي العراق وأفغانستان. وإذ أكد أوباما أنه "مؤمن بعمق بالحلول السلمية"، لفت إلى أن "أميركا ليست شرطي العالم، وليس بوسعنا منع وقوع الفظائع في كل مكان"، وأشار إلى أنه "قاوم لمدة طويلة الدعوات للقيام بعمل عسكري ضد النظام السوري لأنه لا يؤمن بأن من شأن استخدام القوة الخارجية تسوية حرب اهلية في اي بلد من البلدان، لكنه غيّر رأيه بعد الهجوم الكيميائي السوري".

في غضون ذلك، لفت كلام للرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال فيه إن الخطة الروسية لن يكتب لها النجاح الا اذا امتنعت الولايات المتحدة وحلفاؤها عن استخدام القوة ضد دمشق، في حين تتّجه الأنظار إلى اللقاء الذي سيجمع وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف غدا في جنيف، حيث يفترض أن يتناول البحث تفاصيل الاقتراح الروسي لنزع الاسلحة الكيميائية، علما أنّ وزير الخارجية السوري وليد المعلم أعلن رسميا ان بلاده تريد الانضمام الى معاهدة حظر الاسلحة الكيميائية والتقيد بأحكامها.

وكان النهار "الأممي" بدأ باكرا مع إعلان فرنسا أنها تعدّ مشروع قرار تحت الفصل السابع من ميثاق المنظمة الدولية للتعامل مع اقتراح موسكو وضع الاسلحة الكيميائية السورية تحت وصاية دولية تمهيداً لتدميرها بطريقة آمنة، وهو ما رفضته ​روسيا​ على الفور فطلبت عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن أفيد أن موسكو كانت تستعد خلالها لوضع مشروع بيان رئاسي على الطاولة. وأجريت مساومات بين روسيا وفرنسا مع باقي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، الولايات المتحدة وبريطانيا والصين، أفضت في نهاية المطاف الى طلب موسكو إلغاء جلسة مجلس الأمن وعدم تقديم مشروع البيان مقابل موافقة باريس على تعديل مشروع القرار المقترح وتعليق تقديمه انتظاراً للمشاورات المتواصلة بين العواصم الكبرى، وخصوصاً بين واشنطن وموسكو.

أهالي المخطوفين إلى الشارع مجددا..

لبنانيا، عادت قضية أهالي المخطوفين اللبنانيين في أعزاز إلى الواجهة مع الاعتصام الذي نفذوه أمام دارة رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة احتجاجاً على استمرار توقيف ثلاثة من ذويهم في قضية خطف الطيارين التركيين مراد اقجا ومراد اكبينار قبل اكثر من شهر، علما أنّ بين الموقوفين عنصراً من شرطة مجلس النواب أوقف راتبه بعد أيام من توقيفه. وفيما شدّد الاهالي، الذين حصلوا على موعد للقاء بري ظهر اليوم، أنّ أيّ تهمة لم تثبت على الموقوفين حسن صالح ومحمد صالح ونديم زغيب وهم أقارب المخطوفين في اعزاز جميل صالح وعلي زغيب، حصلت "النشرة" على بيان موقع باسم الموقوفين الثلاثة يؤكدون فيه أنّ اعتقالهم أتى "نتيجة حسابات سياسية رخيصة"، وأعلنوا جهوزيتهم لـ"جلسة محاكمة علنية"، وقالوا: "نحن أصحاب قضية إنسانية محقة، وبالرغم من هذا، نحن لسنا بخاطفين، وكل ذنبنا أننا من أهالي الزوار التسعة المخطوفين لدى المخابرات التركية".

ومن قضية المخطوفين إلى القضايا السياسية "المنسية"، وفي مقدّمها ملف تأليف الحكومة، حيث لفت كلام لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان شدّد فيه على وجوب تأليف حكومة وحدة وطنية جامعة، معلنا تأييده مشاركة الجميع في الحكومة وعدم استبعاد "حزب الله" منها، مع تأكيده رفضه لـ"الثلث المعطل"، كما سجّل نفيا "شديدا" لما يقال عن أنّ رئيس الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان يقف وراء عرقلة التأليف، مؤكدا أنه لا يتعاطى بهذا الملف، مشيرا في المقابل إلى أنّ التشكيلة تستطيع ان تركب خلال 5 أو 6 ساعات "إذا توافرت معطيات الولادة".

في المقابل، جدّد رئيس المجلس النيابي نبيه بري، في حديث لـ"النشرة"، تمسّكه بالمبادرة الحوارية التي طرحها خلال ذكرى تغييب الامام السيد موسى الصدر ورفيقيه في 31 اب، موضحا أنّ أحدا لم يطرح بديلا للخروج من المأزق الراهن، مبديا الحرص على عدم المساس بصلاحيات السلطتين التشريعية والتنفيذية، وشدّد على أن لا حكومة من دون "حزب الله" كما لا حكومة من دون "المستقبل" و"الحزب التقدمي" والكتائب والآخرين، لافتا إلى أنّ الحزب ليس بحاجة الى من يتصدق عليه، بل هو من يتصدق على الآخرين، وقال: "ليكفوا عن هذه المناورات، ولا يبيعوننا من كيسنا".

كلمة أخيرة..

تبدّدت "الرهانات" كلها، وبدت الضربة الأميركية لسوريا وكأنها "ذهبت مع الريح"..

وبانتظار "نضوج" الصورة الاقليمية، قد يكون من المفيد إعادة إحياء الملفات المنسية في لبنان، وإعادة الاعتبار لا لشعار "النأي بالنفس" ولا لـ"إعلان بعبدا"، بل لشعار "لبنان أولا"، لتحظى الملفات اللبنانية ببعض الاهتمام، أقله في هذه المرحلة الحساسة..