ما أن اشتمت إدارات بعض المدارس الخاصة رائحة سلسلة الرتب والرواتب حتى بدأت برفع الأقساط "جنونيا" من جهة وبتخفيض رواتب الأساتذة والمعلمين تحت وقع التهديد من جهة أخرى. وإذ تتحفظ "النشرة" عن الكشف عن مصادرها، يهمها تأكيد المعلومات التي وصلتها، فهي علمت في هذا السياق أن إدارات بعض المدارس لجأت إلى تهديد معلميها بطردهم من المدرسة إذا لم يوافقوا على توقيع ورقة يقبلون بموجبها بخفض رواتبهم، على أن تعود وترتفع مجددا مع إقرار سلسلة الرتب والرواتب بموجب قانون في مجلس النواب، ليعود راتب المعلم كما كان قبل التخفيض، وبمعنى آخر، تكون المدارس قد وفرت على نفسها مبالغ طائلة كانت ستتكبدها لو أبقت على رواتب معلميها كما هي وأضافت إليها لاحقا المبالغ الناتجة عن إقرار السلسلة، مع الإشارة إلى أن أي طرد تعسفي بحق المعلمين سيكون "أوفر" على المدارس من زيادة رواتب أساتذتها.

معلومات تصدم المعنيين..

حقيقة قد يكون وقعها على البعض صادما. حقيقة، يكاد لا يصدقها المعنيون بالشأن المدرسي، فانتفضوا عند سماع هذه القضية، للمرة الأولى عبر "النشرة"، متمسكين بنظرية "الراتب القانوني" الذي لا يجوز المساس به إلا في حالات العجز المالي، وكأن القوانين اليوم قادرة على حماية المواطنين عندما يقرر الكبار أن ينهشوا لهم حقوقهم!

الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب ​بطرس عازار​ كان أول المنتفضين. "هذه إتهامات باطلة ولا أدري لماذا التصويب دائما من قبل الإعلام على المدارس الكاثوليكية"، يقولها بنبرة حازمة، مضيفا: هناك إشاعات كثيرة تطلق لإثارة البلبلة حول مدارسنا و"هيدي الشغلة مش بريئة". وبعد التأكيد على أن هذه المعلومات دقيقة ومصادرها موثوقة، يعود الأب عازار ليشدد على أنه "لا يجوز إطلاقا تخفيض الراتب القانوني للمعلّم، وفي حال تخفيضه فهذا يكون في حالة إستثنائية عندما تكون المدارس بحالة عجز مالي وفي حال تعذر السيولة"، مؤكدا أن "هذا الأمر، إن تمّ، فهو يستحيل أن يحصل دون موافقة الأستاذ"، مجددا التأكيد مرة أخرى أنه "يستبعد حصول هكذا أمر لأن لا معطيات أكيدة لديه حول الموضوع ولا وثائق تثبت صحة ما يُنشر حوله"، مؤكدا أن "باستطاعة المعلمين اللجوء إلى المحامين لمتابعة قضيتهم، وفي حال ثبوتها فإن أحدا لن يعطي المدرسة حقا".

حال "الصدمة" و"الرفض" التي رافقت سماع الأب عازار بهذه القضية، إنتابت كذلك نقيب المعلمين في المدارس الخاصة ​نعمة محفوض​، الذي ضحك للوهلة الأولى عند إطلاعه على هذه المعلومات، قبل أن يعود لينتفض كعادته قائلا: "مش مزبوط هيدا الشي!" ويضيف: "لم تردني أي شكاوى من المعلمين في هذا الخصوص"، مشددا على أنه "لا يحق لإدارة المدارس تخفيض الراتب القانوني للأساتذة ولكن يحق للمدرسة التصرف بالإضافات التي يحصل عليها الأستاذ عندما يكون هناك ساعات عمل إضافية، مع العلم أن هناك أصولا قانونية لهذا الأمر، ولو أرادت المدارس التحكم بالإضافات فهذا يكون قبل 5 تموز ما يعني إستحالة حصول هكذا حالات اليوم".

النقابة تدعم معلّميها؟

"إذا سلّمنا جدلا أن هذه المعلومات صحيحة"، يقول محفوض، "فأنا أدعو كل الأساتذة المتضررين من الأمر إلى اللجوء إلى نقابتهم وعدم الخوف"، لافتا إلى أن "مكتب محاماة النقابة الذي يتولاه الوزير السابق المحامي زياد بارود مستعد لتقديم استشارة قانونية للمعلمين في هذا الشأن"، مشددا على "أننا نعمل تحت سقف القانون كما يجب على إدارات المدارس أن تكون تحت سقف القانون لأن كل شيء خاص يسقط أمام القانون العام في لبنان".

وإذا كانت هذه المعلومات التي انفردت "النشرة" بإطلاع الرأي العام عليها تدق فيها ناقوس الخطر، فهي تستحق وقوف صاحب كل ضمير حي وكل مطالب بحقوق المعلمين أمامها وتبني متابعتها وملاحقة المخطئين بحق الأساتذة لأنه لا يجوز بعد اليوم أن نتلطّى خلف إصبعنا وننادي بهذه الحقوق أو تلك دون خوض غمار هذه المعركة حتى آخر فصولها والحرص على ألا تتحول من معركة باسم الحق إلى سيف مسلّط على أعناق المعلّمين، تصبح معه لقمة عيشهم مصدر تهديد لهم وورقة يستخدمها مدراء المدارس للضغط عليهم!