انعكست حالة الاعتدال التي أصبحت موجودة في ايران، بعد انتخاب الرئيس ال​إيران​ي حسن روحاني، على علاقة الدولة الإيرانية مع الولايات المتحدة الأميركية في ظل الحديث عن رياح مصالحة أميركية غربية مع إيران، ما أثر سلباً على إسرائيل التي ربما تكون مضطرة لتوجيه ضربة عسكرية منفردة للمنشآت النووية الإيرانية لمواجهة هذا التطور في العلاقة، وخطر إيران الذي يتهددها من كل الاتجاهات الأمر الذي يستبعده مختصون.

وسط ذلك، يبدو أنّ الرأي السائد في القيادة العسكرية الإسرائيلية التي أصبحت تعاني من عزلة أميركية هو أن القيادة الدينية في إيران أوصلت روحاني للرئاسة لكي ترفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها لا لتتنازل عن طموحاتها النووية، لكن السؤال يبقى هل ستجد إسرائيل نفسها مضطرة لمواجهة الاعتدال الإيراني مع أميركا بضربة عسكرية محتملة؟

حوار أميركي إيراني.. على حساب إسرائيل؟

"الأزمة السورية كشفت عجز الولايات المتحدة كإمبراطورية كبرى في العالم"، هذا ما يؤكده خبير الأمن القومي إبراهيم حبيب، والذي يشدد على أن عجزها بدا من خلال عدم توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري.

وفي حديث لـ"النشرة"، يتساءل حبيب عن كيفية مواجهة إسرائيل لإيران ذات القوة الاستراتيجية، التي استطاعت خلال السنوات العشرين الماضية أن تبني قوة هائلة تواجه فيها الغرب بشكل واضح، خصوصاً وأن للولايات المتحدة مصالح كبرى في الخليج العربي، وفي حال دخلت إسرائيل في حرب مع إيران فإنها ستخسر كثيراً.

ويوضح حبيب أن المواجهة الاميركية-الإيرانية تراجعت كثيراً إلى الوراء، معرباً عن اعتقاده بأنّ الولايات المتحدة في نهاية المطاف قد تكون جاهزة للحوار مع إيران حتى لو على حساب إسرائيل، مشيراً إلى أنّ ذلك يعني أنّ "خسارة إسرائيل ستكون كبيرة في هذا المجال".

ويرى الخبير في الأمن القومي أنّ الولايات المتحدة ستحاول كبح جماح إسرائيل نحو توجيه ضربة عسكرية لإيران منفردة مقابل تطيمات سياسية تقدّمها لها، لكنّه تساءل عن مدى قدرة إسرائيل على تقبّل مثل هذه الضمانات.

مشروع إسرائيل بدأ ينهار

في المقابل، يستبعد الكاتب والمحلل في الشأن الإٍسرائيلي ​أكرم عطالله​ توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية لإيران لمواجهة هجمة الاعتدال التي طغت على السطح في هذه الآونة، مشيراً إلى أنه لو كان هناك ما يؤهل القوة الإسرائيلية لتتصرف وحدها، لما انتظرت رأيا عاما دوليا ولا مجتمعا دوليا أو حتى قوى أميركية وغيرها.

وفي حديث لـ"النشرة"، يشدّد عطالله على أن القوة الإسرائيلية أعجز من أن تتصرف لوحدها، لافتاً إلى أن كل ما يحدث الآن هو نوع من التهديد اليائس الذي يأتي في مرحلة يتّجه فيها العالم نحو مسار الحوار الجدي، وقد بدا أكثر انفتاحا تجاه إيران، الأمر الذي أزعج إسرائيل، سيما وأنها تمكنت خلال السنوات الأخيرة الماضية، من حشد مؤسسات ودول ورأي عام رسمي لأجل فرض عقوبات اقتصادية على إيران، موضحاً إلى أن ذلك كان ذروة ما أرادته إسرائيل.

ويشدّد عطالله على أنّ المشروع الإسرائيلي بدأ ينهار بفعل المرونة التي أبداها الرئيس الايراني حسن روحاني، التي تضاربت مع كلّ مخططات إسرائيل السابقة، لافتاً إلى أنّ إسرائيل "عاجزة على أن تواجه هذا السيل من العالم الراغب للحوار مع ايران".

في المحصلة، يبدو من الواضح أن الولايات المتحدة الأميركية بدأت تقترب من لغة الحوار وتبتعد عن لغة الحلول العسكرية التي لم تحقق من خلالها أي إنجازات بل على العكس تماماً، إذ إنها وضعت الاقتصاد الأميركي على شفة الخطر والهاوية من خلال ذلك، وهذا ما سينعكس سلبياً على إسرائيل التي أرادت أن تشغل العالم كله في الخطر الذي يتهددها من قبل إيران، وهي الآن عاجزة عن مواجهة الاعتدال الإيراني.