هذا الأسبوع يدخل الرئيس المكلَّف تمام سلام الشهر السابع على تكليفه تشكيل الحكومة من دون أن يلوح في الأفق ما يُشير إلى أن هذا الشهر سيشهد ولادة الحكومة. وبهذه الفترة الطويلة يكون الرئيس المكلَّف قد ضرب الرقم القياسي في طول المدة التي استغرقها لمحاولة تشكيل الحكومة، متفوِقاً بذلك على مُدَدِ الرؤساء السنيورة وسعد الحريري وميقاتي الذين كل واحد منهم نال حصته الزمنية من العرقلة، لكنهم في نهاية المطاف شكَّلوا حكوماتهم، أما اليوم فلا أحد يعرف كم ستطول المدة التي ستسبق التأليف خصوصاً ان ثمة سيناريوهات بدأت تتحدث عن إحتمالات غير التأليف:

ما هي هذه الإحتمالات؟

تقول مصادر عليمة واسعة الإطِّلاع أن بعضاً من قوى الثامن من آذار بدأ يهمس ببعض الأسماء، على طريقة حقول الإختبار، ومضمون الهمس المتداوَل أن الظروف التي أملت تسمية الرئيس المكلَّف تمام سلام لم تعد موجودة، وعليه لا بد من تعديل الخطة لجهة العودة إلى تسمية الرئيس سعد الحريري أو مَن يُسمِّيه الشيخ سعد.

هذا الكلام يُوصَّف في السياسة على أنه إستفزازٌ للرئيس المُكلَّف لدفعه إلى الإعتذار بعد أن يكون قد تعذَّر عليه تشكيل الحكومة، كما يُطلب من الرئيس سعد الحريري العودة إلى لبنان باعتبار انه سيتم تكليفه بعد إعتذار الرئيس تمام سلام.

عند هذا الحد ينتهي الفصل الأول من السيناريو، ليبدأ الفصل الثاني الذي يقوم على الإحتمالات التالية:

عند اعتذار الرئيس المكلَّف وبدء البحث عن الشخصية التي سيتم تكليفها، يجري طرح الرئيس سعد الحريري، ولا يمكن طرحه إلا بالتزامن مع عودته إلى لبنان. يصدر مرسوم إجراء استشارات التأليف فتكشف قوى الثامن من آذار عن مخططها الحقيقي:

تسمية النائب والوزير السابق عبد الرحيم مراد، أو شبيه له، لتشكيل الحكومة.

يتعثَّر التأليف فيعتذر مراد، وهكذا أمام اعتذارَيْن يبدأ البحث الجدي بتعويم حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.

ينطلق هذا المخرج من استحالتَيْن:

إستحالة أن يُشكِّل الرئيس سلام حكومته، واستحالة أن يتم القبول بتسمية عبد الرحيم مراد، ولأنه ليس بالإمكان في الظروف الراهنة أن يعود الرئيس سعد الحريري إلى لبنان، فإن المخرج يكون بتعويم حكومة الرئيس نجيب ميقاتي للإعتبارات التالية:

لم يعد متبقياً من العهد سوى قرابة السبعة أشهر، وعليه فإن أي تشكيل لحكومةٍ جديدة في الظروف الراهنة سيستغرق وقتاً طويلاً للإتفاق على البيان الوزاري ثم تحديد مواعيد جلسة الثقة، وما أن تبدأ الحكومة الجديدة فعلياً بممارسة دورها حتى تكون البلاد قد دخلت في مدار معركة إنتخابات الرئاسة، ومعروف ان الحكومة تستقيل بعد انتخابات الرئاسة، فهل ما تبقى من وقتٍ ضيِّق يسمح بحكومةٍ جديدة ستستقيل مباشرةً بعد الإنتخابات الرئاسية؟

انطلاقاً من هذه المعطيات فإن المخرج يكون بتعويم حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي يمكن أن تملأ فراغ السلطة التنفيذية في حال تعثَّر إجراء الإنتخابات الرئاسية، وذلك انطلاقاً من سابقة انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود في تشرين الثاني من العام 2007 حين بقيت البلاد من دون رئيس للجمهورية حتى أيار من العام 2008، وتولَّت السلطة التنفيذية آنذاك حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، فهل يُعيد التاريخ نفسه وتتولى حكومة الرئيس ميقاتي السلطة التنفيذية إلى حين إنتخاب رئيس جديد؟

كل شيء ممكن، فلبنان بلد السيناريوهات.