اللقاء الأرثوذكسي، لقاء حريصا، لقاء سيدة الجبل، لقاء بيت عنيا، الرابطة المارونية، المجلس الماروني، المجلس الأعلى للروم الكاثوليك، الرابطة السريانية، جمعية الانتشار الماروني، رابطة الروم الارثوذكس... وسواها من الروابط واللقاءات والمجالس المسيحية الكثيرة التي تعمل جميعها في اطار "المصلحة" المسيحية بالدرجة الأولى، فما هو دور اللقاءات المسيحية هذه؟ وهل هي مطية للسياسة والسياسيين؟

في البدء، يؤكد عرّاب "اللقاء الارثوذكسي" نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي ان الغاية من هذه اللقاءات "خلق دينامية تساعد في صنع الافكار التي تخدم الوعي لأبناء الطائفة وتشكيل الرأي العام، واعادة انتاج الارادة السياسية عند ابناء هذه الطائفة، واعادة تشكيل الوعي للدفاع عن مصالحها ووجودها".

الفرزلي، الذي لا يحسب هذه اللقاءات بعددها بل بتعدد الأفكار التي تطرحها، يرفض مقولة ان اللقاءات والروابط والمجالس مطية للسياسة والسياسيين "لا تستطيع ان تكون مطية والا تموت في جحرها". ويعطي مثلاً ان اللقاء الارثوذكسي "ترك بصمة كأنموذج، فهو وليد المعاناة والشعور بالتهميش والاستتباع والغاء دور الطائفة التي ينتمون اليها، في الوقت الذي يترسخ في لبنان مفهوم الطائفية. واكبر دليل على انه ليس مطية لهذا أو ذاك، انه عند تشكيله ضم قيادات ونواباً سابقين ومحافظين من 8 و 14 آذار، اي كل الاتجاهات السياسية".

من جهته، يربط رئيس الرابطة السريانية حبيب افرام اللقاءات وحراكها بالتحديات الوجودية التي تواجه الحال المسيحية. هذه التحديات لم تعد صراعاً على السلطة او على مقعد نيابي او وزاري، بل ان ما يجري في المنطقة مخيف، وهو شبه اقتلاع للحضور المسيحي بطريقة غير مقبولة، فالمسيحيون يتضاءلون في الجغرافيا والديموغرافيا والاصوليات تتصاعد، الى تفشي السلاح، وصولاً الى كيفية اجراء الانتخابات وانتخاب النواب المسيحيين وصلاحيات رئيس الجمهورية... كل ذلك يبرر ضرورة ملحّة للتغيير في الاسلوب والنظرة، وخصوصاً اننا لا نحمل رؤية وفكراً للمستقبل، فأجيالنا الشابة تهاجر، وأحزابنا وتياراتنا وروابطنا في حاجة الى جديد".

يرى افرام الحراك في كل هذه اللقاءات بادرة جيدة، "لان هناك ادراكاً لخطورة المحنة. نحن في حاجة الى تكثيف الجهود، ويجب ان نلتقي حول مفاهيم واحدة حتى لو لم نلتقِ، في لقاءات واحدة".

في رأي افرام ان "اللقاءات ليست مطية لأحد وهي خارج الاصطفافات السياسية، "لكن المسيحيين في حاجة الى وعي وتلاحم، ليس بالضرورة على قاعدة ان يربح احد بل ان ننظر الى الامام. المهم ان نتفق على رؤية مشتركة لنصل الى اهدافنا حتى لو كنا متفرقين. المهم ان تكون لدينا أدبيات واحدة وأن تجمع الكنائس الجميع، وخصوصاً ان في لبنان الدور المسيحي كبير".

البعد الوطني

لا يقتنع عضو لقاء "سيدة الجبل" النائب السابق صلاح حنين بشيء اسمه لقاء مسيحي أو اسلامي. بالنسبة اليه البعد الوحيد الذي يراه هو البعد الوطني. "لكن ثمة اناساً يبادرون الى تأسيس لقاء مع الأشخاص الأقرب اليهم، ثم تمتد الى آخرين، لتصبح مبادرة وطنية. فالمجتمع الجيد الذي لا يملك حيوية للوصول الى نتيجة ما والذي لا يطرح على نفسه تساؤلات ولا يصل الى نتائج لا يكون مجتمعاً حياً. انا دائماً مع المجتمعات التي تطرح تساؤلات وتثور على وضعها وترى المشكلات، ثم تشخّص وتطرح العلاج وتطبّق وترى اذا كان التطبيق ناجحاً ام لا".

حنين يرى الدولة هي الشعب والمؤسسات، وليس من الضروري ان تكون المؤسسات رسمية فحسب بل هي التي يعمل شعبها فيها على مستوى المجتمع المدني والنقابات.

وهو يرفض الحكم على عمل اللقاءات او المجالس، "لكن ما لا أقبله ان تنشأ مجموعة مستقلة عن الاحزاب، حتى لو كان لديها عمل سياسي، ويتبيّن لاحقاً انها تعمل عند الآخرين. لسوء الحظ ان سياسة اتجاهات البلد في الأساس هكذا، فاليوم ثمة احزاب مثلاً تعمل عند الآخرين، وهذا باعترافها، وأخرى تضع قرارها في مكان آخر، وهذا أكبر ضرر على لبنان".

من جهته، يؤكد الامين العام السابق للمجلس الأعلى للروم الكاثوليك المحامي ابرهيم طرابلسي ان قوة المجالس المليّة المعترف بها تكمن في العملية الديموقراطية التي تحصل بها اي الانتخابات. ويضيف: "هذه المجالس هدفها اشراك العلمانيين مع رجال الدين في ادارة الشؤون الوطنية للكنيسة وابراز دورهم وابداء الرأي، وبالتالي شعورهم ان لهم كلمة في ادارة الشؤون الوطنية، وهذه المجالس شرعية، ولا أحد يستغلها لمصالح خاصة، وثمة لقاءات وتجمعات تستعمل الطوائف والاحزاب للوصول، ولا تعليق لدي عليها".