بدأ الصراع مع الدوائر الاستعمارية عبر حركات التحرر العربية والإسلامية عام 1956؛ عندما تمكّنت المقاومة والشعب والجيش بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر الذي قال: "سوف نقاتل نقاتل نقاتل.. ولن نستسلم"، وتمّ تحقيق النصر الأول على الدوائر الاستعمارية، يدعمه الإنذار السوفياتي الذي هدد بضرب لندن وباريس وتل أبيب ومحيهم عن الوجود، بالإضافة إلى قرار الفيتو السوفياتي في مجلس الأمن، والذي أنهى تفرّد الدوائر الاستعمارية في مصير العالم، ونتجت عن ذلك مرحلة جديدة من مسيرة حركات التحرر التي تمكنت من تحرير معظم الدول من نير الاستعمار البغيض، وأصبحت مصر في ذلك الوقت القاعدة الأساسية لحركات التحرر.

وفي سنة 1963 تم عقد اتفاق بين الثورة الناصرية والثورة الإيرانية، تضمّن تقديم مصر كل وسائل الدعم والتواصل لإنجاح الثورة الإيرانية، وبعد نجاح الثورة الإيرانية حافظت على العهد الموقع مع قائد مسيرة التحرير الرئيس جمال عبد الناصر، وقدّمت بدورها كل الدعم لحركات التحرر، خصوصاً فلسطين؛ القضية المركزية للأمة العربية والعالم الإسلامي، وقد ترجمت ذاك الدعم انتصاراتُ مقاومة "حزب الله" في لبنان، والانتصار الذي حققته المقاومة الفلسطينية، واللذان فرضا توازن الرعب مع العدو الصهيوني.

كان القرار المتخَذ في سورية بين الرئيسيْن الإيراني والسوري وقائد المقاومة، فتح كل الجبهات على الكيان الصهيوني، لإنهاء وجوده عند قيامه بأي عدوان على لبنان، وسُجِّل أيضاً رفض الرئيس السوري لإملاءات الدوائر الغربية الاستعمارية؛ باعتراف وإقامة صلح مع العدو الصهيوني، ووقف تقديم العون والرعاية للمقاومة الفلسطينية، التي بدأت تحقق انتصارات، ووقف تقديم الدعم للمقاومة في "حزب الله"، وكان هذا الرفض الأخير لرئيس الفرنسي السابق، معتبراً أن الرئيس السوري لا يلتزم بقرارات المجتمع الدولي، لأن عدم الالتزام يعرّض الكيان الصهيوني للإبادة، ويضرب مصالح الدوائر الاستعمارية.

وفعلاً، هذا الرفض دفعهم للإعداد لعدوان على سورية، ومرة ثانية كان الفيتو الروسي والصيني لمنع المجتمع الدولي وأميركا حق التفرد بمصير العالم تحقيقاً لأهدافهم الاستعمارية وأعد لصياغة مجتمع جديد.

إن ضربات حركات التحرر في الوطن العربي والعالم الإسلامي استطاعت استنزاف قدرات القواعد والأساطيل العسكرية لدوائر الاستعمارية بقيادة أميركا مالياً، ودمرت اقتصادهم القومي، وأغرقتهم بالديون، ويقيننا أن حركات التحرر وحدها ستعمل على تحقيق الحرية والاستقلال والعدالة لكل شعوب الأرض، خصوصاً فلسطين.