في الآونة الأخيرة، خفّ نشاط عصابات الخطف مقابل الفدية، لكنه لم يتوقف كلياً. في الأساس كانت هذه الظاهرة نائمة في السنوات الماضية غير أنّ الأجهزة الأمنية برمتها لم تتفاجأ بخروجها من جديد الى العلن في السنتين الأخيرتين، لأن لدى الأجهزة معلوماتٍ موثقة تشير الى أنّ هذه العصابات ليست إلا خلايا نائمة، ينشط عملها مع توافر الجو السياسي الأمني المناسب ويخف عند صدور قرار صارم يقضي بضربها بيد من حديد.

"هذه العصابات موجودة وقائمة في كل الظروف"، يقول مصدرٌ أمنيٌ رفيع المستوى، "غير أنها تنشط حيناً على صعيد سرقة السيارات لتبيعها بعد تفكيكها في سوق القطع المستعملة، وأحياناً على صعيد السطو على المصارف والصيدليات". وبحسب المصدر الأمني المذكور، "ليس من السهل أن تخطف مجموعة مواطناً أو أكثر وتدخل في لعبة التفاوض مع أهله على الفدية المالية إلا في مثل هذه الظروف، التي دخل فيها لبنان مستنقع الأحداث التي تشهدها سوريا، وهنا لا بدّ من التوقف عند قضية خطف الحجاج اللبنانيين الذين خطفوا في اعزاز السورية وهم في طريق العودة من إيران الى لبنان".

"هذه العملية شكلت نقطة مفصلية على صعيد عمليات الخطف"، يقول المصدر الأمني المذكور، خصوصاً بعدما نزل آل المقداد الى الشارع مدججين بالسلاح وخطفوا أربعين سوريا ومواطناً تركياً، كل ذلك من دون ان تحرك الدولة اللبنانية ساكناً فما كان بهذه العصابات إلا أن اعادت نشاطها على صعيد الخطف الى الواجهة خصوصاً أن عمليات الخطف مقابل الفدية مربحة أكثر بكثير من سرقة سيارة أو إثنين، وحتى من عملية السطو على صيدلية، وما أسهل أن تخطف مواطناً في لبنان من رجال الأعمال على أن يدبّر الله عملية نجاح المفاوضات مع أهله بعيداً من آذان الأمنيين وعيونهم".

"كل ذلك قبل أن يصدر القرار السياسي بوضع حدّ لهذه العمليات"، يقول المصدر الأمني، "لأن القرار برفع الحصانة السياسية عن هؤلاء جعل من هذه المجموعات تسقط واحدة تلو الأخرى"، وهنا لا بدّ من سلسلة من الأسئلة، كيف تم توقيف الشبكة التي نفذت أكثر من عملية سطو على مصارف بسرعة فائقة وقبل صدور القرار السياسي؟ أليس السبب المباشر هو إطلاق هذه المجموعة النار على النقيب في الجيش اللبناني زيان الجردي في بيت الككو الأمر الذي لم يتقبله الجيش وأراد من هذه العملية أن يعيد إعتبار ضباطه قبل صدور القرار السياسي؟ وكيف عرضت مخابرات الجيش على المفرج عنه يوسف بشاره صوراً لخاطفيه وتعرف الأخير على هؤلاء الملتحين، كل ذلك بعد أقل من ساعة على تحريره بعد دفع ذويه فدية بقيمة 400 ألف دولار؟ وكيف تم القاء القبض على أحد أفراد المجموعة الخاطفة بعد دهم منزله بهذه السرعة وتحديداً بعد يومين من تحرير المخطوف؟ وماذا عن تحرير المخطوف الزحلي داود؟ ومداهمات الرويس التي حررت السوريين الأربعة كما توقيف ماهر المقداد ورفاقه في الجناح العسكري؟ ألا يعني ذلك أن الأجهزة الأمنية لديها داتا مفصلة عن هذه العصابات وهي تحتاج فقط الى قرار سياسي يغطيها كي تلقي القبض عليها في الوقت المناسب؟