نهر الغدير​ سيطوف مجدّدًا هذا العام، وستدخل مياهه إلى المنازل تمامًا كما طاف العام الماضي، وما حدث الأسبوع الماضي ليس سوى نزهة. الكلام لوزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال غازي العريضي، وهو الذي يعرف ما في داخل النهر وخارجه، وذلك عشية قدوم العاصفة "ألكسا"، التي يتخوّف البعض من أنها ستعيد مشهد "المنطقة المنكوبة" التي ظهر فيها حيّ السلم السنة الماضية، والذي يتحضّر قاطنوه للأسوأ.

"البروفا" كانت الأسبوع الماضي، وتحديدًا يوم الجمعة، حين أمطرت السماء لساعاتٍ قليلة فحلت مياه النهر مع ما تحمله من أوساخ ثقيلة على منزل حسن حمود فغمرت الغرف وخزانات المياه حسب ما روى لـ"النشرة"، مشيرًا إلى أنّ التنظيف كان على حسابه الخاص بكل تأكيد "والبلدية لم تقم بأي خطوة من أجل تفادي ما حصل في السنة الماضية أو حتى مساعدة الاهالي هذا العام". أما بالنسبة لأحمد الحسين، فلم تكن الحال افضل فالمياه دخلت منزله المقابل للنهر، مما أدّى لاحتراق بعض الأدوات الكهربائية كالبراد والتلفزيون، مناشداً عبر "النشرة" الدولة للتدخل من أجل منع فيضان النهر مع اقتراب وصول العاصفة "الكسا".

"النشرة" استطلعت أحوال سكان ​حي السلم​ وخصوصًا أصحاب المنازل المنتشرة على ضفاف النهر لتجد لديهم يأسًا من إمكانية حلّ مشكلتهم، وبالتالي هم يقومون بكلّ ما هو مُتاح لحماية منازلهم من الفيضان المقبل، بدءًا من تنظيف مجاري النهر على نفقتهم الخاصة، مرورًا برفع مداخل المنازل وصولا لافراغ المنازل من بعض الاثاث. أما بالنسبة لندى ح. فهي ستغادر المنطقة لتضمن سلامتها وسلامة عائلتها. وقالت لـ"النشرة": "أنا وسكان الحي سنترك منازلنا خلال العاصفة لان الدولة لم تكترث الى موضوع نهر الغدير، على الرغم من النداءات العديدة والمناشدات من قبل السكان". واشارت ندى الى ان بلدية الشويفات لم تقم بأي عمل من اجل تفادي حصول كارثة كما حصل العام الماضي، والدولة بكل اجهزتها غائبة حتى عن تقدير الخسائر التي وقعت نهار الجمعة.

من جهته، أكد رئيس بلدية الشويفات ملحم السوقي قيام البلدية بكلّ التحضيرات اللازمة لمواجهة الفيضان المقبل الذي سيحصل بكل تأكيد حسب رأيه، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى ان التجهيزات والاليات المخصصة لمواجهة فيضان النهر تم وضعها في مكانها. واضاف السوقي: "لم يتغير اي شيء عن العام الماضي فالوزارة غائبة والمخالفات على ضفاف النهر لا زالت كما هي"، وكشف في هذا الاطار عن قيام بلدية الشويفات في شباط العام الماضي بتقديم مشروع بناء سد على جنب النهر الى وزارة الطاقة والمياه يوفر على المواطنين حوالي 80 % من الاضرار التي يمكن ان يسببها فيضانه دون أن يأتي أيّ ردّ من قبل الوزارة، واعدا بتشييد السد على نفقة الوزارة قريبا. اما بالنسبة للحل فاعتبر السوقي أنّ المنطقة برمّتها بحاجة لمشروع حل ولا يمكن حل مشكلة النهر دون محيطه. وهذا الامر نفسه الذي اشار اليه ايضا الوزير غازي العريضي الذي أشار إلى أنّ تراكم المخالفات على ضفاف النهر ضيقت مجراه ووصلنا الى ما نحن عليه اليوم بسبب الاهمال.

فقط في لبنان نتمنى الا تمطر كثيرا كي لا نغرق في الطرقات، وكي لا تصبح سياراتنا غواصات ومنازلنا منصات بحرية، وفقط في لبنان تدعو الدولة مواطني منطقة معينة للاستعداد للفيضانات وتخبرهم أنها لا تستطيع مساعدتهم. فقط في لبنان، تقع الكارثة وتعود لتقع مجددا، ومجدّدًا جلّ ما يفعله المسؤولون هو تسجيل تواريخ وقوعها.

تقرير ​محمد علوش​ و​عباس عبد الكريم

تصوير حسين بيضون