قبل أربعين يوماً على الموعد الجديد لمؤتمر «جنيف - 2»، برزت معطيات جديدة وُضعت قيدَ التداول تشير الى إحتمال تأجيله مجدداً على رغم التفاهم على نقل مقرّه من جنيف الى مدينة مونتري على بحيرة ليمان، بسبب انعقاد مؤتمر الساعات الدولي في جنيف. ما هي المعطيات التي قادت الى نقاش في هذا الموضوع؟

تعترِف مراجع دولية وأمميّة أنّ المساعي القائمة لعقد مؤتمر "جنيف - 2" قد بلغت الذروة على وقع مسلسل الضغوط الأميركية والروسية التي تسعى لتوفير الظروف التي يمكن أن يبدأ على وقعها الحديث عن الصيغة المقبولة للمرحلة الإنتقالية، للخروج بالأزمة السورية من مشاريع الحلول العسكرية المستحيلة الى السيناريوهات السياسية القابلة للتطبيق.

وفي هذه الأجواء، كشفت مراجع مواكبة للتحضيرات أنّ الموفد العربي والدولي الى سوريا الأخضر الإبراهيمي طلب موعداً للقاء وزيرَي خارجية روسيا سيرغي لافروف والولايات المتحدة جون كيري، للبحث في صيغةٍ تنقل النقاس في شأن الأزمة السورية من مسرح العمليات العسكرية الى قاعات المفاوضات، في ضوء خريطة الطريق التي انتهى اليها "جنيف - 1"، والتي تحدثت عن مرحلة انتقالية تقودها حكومة سورية مختلطة تضمّ ممثلين عن النظام والمعارضة.

وقالت مصادر ديبلوماسية عربية إنّ الإبراهيمي تحدث مطولاً بداية الأسبوع الجاري الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أثناء وجوده في جنوب افريقيا حيث شارك في حفل تأبين الرئيس الراحل نيلسون مانديلا، طالباً إليه التدخل مباشرة لترتيب لقاءٍ ثلاثي مع لافروف وكيري، أو من يمثلهما على أعلى المستويات، لأنّ هناك ما يجب التفاهم في شأنه سريعاً.

ولفتت المصادر إلى أنّ الإبراهيمي متوجِّس من حجم المتغيرات العسكرية على الأرض، وممتعض من العمليات التي تخوضها الفصائل المسلحة المنضوية في المعارضة في ما بينها، والسعي لتغيير موازين القوى على مستوى المعارضة السورية في معزل عن العمليات العسكرية التي يخوضها النظام وحلفاؤه لتغيير الواقع في النقاط الإستراتيجية.

ويعترف الإبراهيمي في الأيام الأخيرة أنّ هناك التقاءً في المصالح بين النظام السوري وبعض مؤيدي المعارضة، تجاوز المنطق الذي حكم المهمة الصعبة التي يقوم بها بهدف تغيير الواقع العسكري. والأخطر من كل ذلك، السعي القائم لتغيير ممثلي المعارضة السورية على طاولة المفاوضات عبر تحجيم ادوار الأطراف التي شاركت في المحادثات السابقة وفرض ممثلين جدد ما يحول دون تأليف وفدٍ متجانس في مواجهة ممثلي النظام.

ويعترف الإبراهيمي أنّ التقاء المصالح هذا قد يُغيّر موازين القوى، وهو يخشى العودة الى المرحلة التي سبقت الموعد السابق للمؤتمر في 23 و24 تشرين الثاني الماضي، والذي أُرجئ بسبب عدم تكافؤ الفرص بين جانبَي النزاع. ونُقل عنه قوله إنّ هذا التغيير في حال حصوله سيكون سبباً اساسياً في تأجيل الموعد مرة أخرى. فعلى رغم الخلافات القائمة بين الراعيَين الروسي والأميركي حول مصير الرئيس بشار الأسد وماهية المرحلة الإنتقالية، فهما يُجمعان على ضرورة تمثيل المعارضة بوفد متوازن لترتيب وقفٍ للنار ووضع الآلية السياسية على سكة الحل.

وبناءً على ما تقدم، قالت المصادر إنّ اللقاء الأميركي الأممي - الروسي - الأميركي سينعقد في غضون اسبوع على الأكثر - لكن ليس مؤكداً أنه سيكون على مستوى وزيرَي خارجية اميركا وروسيا - من اجل البت في عناوين ورقة العمل ووضع اللوائح النهائية للمدعوين الى المؤتمر على رغم أنّ اللائحة الأولية تضم نحو 32 دولة عدا عن الدول الخمس ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن، بعدما حسمت مشاركة كل من السعودية وايران.

والى هذه الهواجس، ثمّة من يخشى على الموعد الجديد للمؤتمر، بعدما وجَّهت ايران أصابع الإتهام الى فريق في الإدارة الأميركية يريد التشويش على المؤتمر وعلى التفاهم الإيراني- الغربي من خلال فرض العقوبات الجديدة على المؤسسات والشخصيات الإيرانية في توقيت مشبوه.

وتختم المصادر، لافتة إلى "حقائق مؤلمة" بدأت الإدارة الأميركية تتحدث عنها، "تتمثل في القضاء تدريجاً على المعارضة غير الإسلامية بهدف إضعافها، عدا عن ارتفاع حدة الإشتباك بين الإدارتين الأميركية والروسية حول مصير الأسد في المرحلة المقبلة، ما قد يؤدي في حال تفاقم الخلاف بينهما، الى التضحية بالموعد الثاني للمؤتمر سواء انعقد في جنيف او مونتري لا فرق.