أكد بطريرك السريان الكاثوليك الانطاكي مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان ان "العيد هذا العام يحل وفي القلوب غصة لما يعانيه اخوة لنا وابناء، في سوريا والعراق، من آلام ومآس واضطرابات تحرمهم بهجته، واننا ومن موقعنا كرعاة روحيين، نشارك جميع اخوتنا رعاة الكنائس الشقيقة الهموم والهواجس التي تهدد حياة ابنائنا وبناتنا ومستقبلهم، ونجدد تأكيدنا على الملأ باننا ندعو لإحلال السلام والامان على أساس الحرية والعدالة وكرامة الانسان، دون تأييد لنظام او حزب سياسي. كما نؤكد ان الديمقراطية التي نفاخر بالتشبث بمبادئها، تأبى إقصاء جهة مهما كان عدد أفرادها قليلا، إنما الديمقراطية تعلم احترام الغير وان اختلف في الرأي والدين او المذهب، وتسعى الى نشر السلام والطمأنينة والاحترام بين المواطنين".

وقال في قداس تضامن مع الجاليتين السورية والعراقية في لبنان: "نتوجه في هذه الايام الميلادية بعقولنا وعاطفتنا الى ابنائنا وبناتنا في سوريا الحبيبة الجريحة، التي يقاسي مواطنوها الأمرين في ظروف مساوية تجسدها حرب ضروس تكاد تنعدم معها كل مقومات الحياة، مما يدمي القلوب لما تشهده هذه الأرض العزيزة من خرب ودمار وانهيار اقتصادي وشحن طائفي، الأمر الذي دفع بكثير من المواطنين الى الهجرة والنزوح هائمين على وجوههم، بحثا عن ملجأ يأويهم، ويبعد عنهم خطر الموت، كما يتصاعد في سوريا العنف بإسم الدين، وهو ما حذرنا منه مرارا قبل حدوثه، الأمر الذي يندى له الجبين، ولا تقبله أية أعراف أو مواثيق دولية. وفيما نشدد اننا نحن المسيحيين مكون أصيل ومؤسس في سوريا، لا بل نحن سكانها الأصليون، نناشد الضمير العالمي بذل الجهود الحثيثة لإطلاق سراح جميع المخطوفين وبخاصة المطرانين يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي، والكهنة ميشال كيال، اسحق ماهر محفوض وباولو دالوليو، والراهبات والأيتام. كما نستنكر استهداف المناطق الآمنة، سيما المسيحية العريقة والموغلة في القدم، كمعلولا وصدد وسواهما.

إننا ندعو جميع الأطراف ومعهم كل من لهم دور، من دول ومنظمات، الى تحكيم الضمير ونبذ العنف وتوحيد الرأي، لوضع خطة رشيدة تجمع مكونات الشعب السوري على اختلاف طوائفها وقومياتها وأحزابها، حول طاولة الحوار والمصالحة لورشة إعادة الإعمار وبلسمة القلوب".

أضاف: "أما العراق الغالي، هذا البلد الذي طالت معاناته وآلام مواطنيه، فإننا نتوجه الى جميع مكوناته لتوحيد الجهود في سبيل زرع بذور السلام الدائم فيه، فمتى خلصت النيات، وقطعت الطريق على أهل الفتن وزارعي الشقاق والدمار والموت، يستعيد العراقيون ثقتهم بذاتهم وبوطنهم، ويتعاونون مع المخلصين من المسؤولين على الحياة العامة، في خدمة شعبهم ونهضة بلدهم، لما فيه خيرهم المشترك، ومستقبل أجيالهم الطالعة.

وإننا نتوجه خاصة الى أبناء ابرشياتنا ورعايانا في العراق، سيما في بغداد والموصل وسهل نينوى وإقليم كردستان والبصرة، ونحثهم على أداء الشهادة لإنجيل المحبة والسلام بفرح، فيجدوا فعل رجائهم بالرب يسوع مخلصهم حيث لا رجاء بشريا، كي تنهض ارض الرافدين بجميع مواطنيها من كبواتها، متغلبة على جنون العنف وعبثية الإنتقام".

وفي لبنان، قال يونان: المواطنون ما زالوا يعانون سوء الحال من تشنج في العلاقات واتهامات بين اهل السياسة، ومعلوم ان ميزة لبنان هي في تنوع مكوناته دينيا ومذهبيا وحزبيا، وعليه ان يضحي المثال في محيطه المشرقي في تحقيق العيش الواحد بين مواطنيه والامانة للحريات الدينية والمدنية والمبادىء الديمقراطية الحقة التي يطمئن لها جميع المواطنين، أكثرية كانوا أم أقليات.

ودعا جميع اللبنانيين الى "ان يلجأوا الى انتهاج الحوار، نابذين لغة التعصب والتخوين والاستئثار، ومتحررين من الانتماءات للقوى الاقليمية، وان يعتمدوا الشراكة في اتخاذ القرارات وفي تنفيذها، وان يعطوا الاولوية لخير الوطن والمواطنين ولحثهم على تشكيل حكومة جديدة على قدر طموح اللبنانيين".

وكما دعا ابناءه في الجاليتين السورية والعراقية في لبنان الى "ان يحيوا الامل بغد مشرق، فلا بد لملك السلام الذي بميلاده زرع السلام والامان من ان ينشر سلامه في بلادنا المشرقية المعذبة، فلا بد لليل ان ينجلي ولا بد للظلام ان يزول، ولد المسيح هللويا".