جدّد رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع رفضه للحكومة الجامعة، مشدداً في حوار مع «الأخبار» على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية، ومعلناً رفضه لأي مساع أوروبية للاتفاق المسبق على اسم الرئيس الجديد

هيام القصيفي

حمّل رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع فريق 8 آذار مسؤولية تعطيل تأليف الحكومة بسبب التهديدات التي يطلقها، متسائلاً: «كيف يريد الشراكة معنا الآن، وأين كانت الشراكة في 7 أيار، ولدى ذهاب حزب الله الى سوريا؟». ورفض جعجع، بشدة، الحكومة الجامعة والجلوس الى جانب الحزب في الحكومة، مصرّاً على الدفع باتجاه الاستحقاق الرئاسي، وكاشفاً عن مسعى أوروبي لتسوية مسبقة على اسم الرئيس، ومؤكّداً رفض هذا المسعى، والتمسّك باللعبة الديموقراطية ونزول النواب الى المجلس لانتخاب من يريدون.

وكرّر جعجع موقف القوات وقوى 14 آذار الرافض لطرح حكومة جامعة، وقال: «موقفنا لا يزال كما هو. نحن نمر في مرحلة شديدة الخطورة وتفصلنا عن الانتخابات الرئاسية خمسة أشهر تقريباً، والحكومة المنطقية الوحيدة هي الحكومة التي تقوم بما يجب عليها من أجل لبنان، ومن خارج 14 و8 آذار. وأتوقف هنا عند خطاب الفريق الآخر ودعوته الى الشراكة في الحكومة. ألا تتجسد الشراكة إلا في الحكومة؟ أين كانت الشراكة حين قرر حزب الله أن يدخل الى سوريا ويحارب فيها ضد إرادة الشعب اللبناني؟ وأين كانت الشراكة حين قام الحزب بـ 7 أيار؟ وأين كانت الشراكة حين أسقط حزب الله حكومة الرئيس سعد الحريري؟ اليوم يطرحون هذا الشعار لذرّ الرماد في العيون. ولأنهم لا يستطيعون اليوم تأليف حكومة وحدهم، يلجأون الى استخدام شعار الشراكة. نحن نتمنى الشراكة، ولكن على كل الصعد، وهم ليسوا مستعدين مطلقاً لها، فحتى إعلان بعبدا الذي أجمع عليه كل الأفرقاء تنصّلوا منه لأن مصلحتهم الإقليمية اقتضت ذلك».

تُطرح الآن صيغة 8 ــ 8 ــ 8 مع وزيرين «ملك» بدلاً من 9 ــ 9 ــ 6 التي رفضتموها. هل يمكن أن تقبلوا بها؟

ـــ هذه صيغة مقنّعة للصيغة السابقة التي يجب أن تسمى 9 ــ 6 فقط، لأن فريق 14 آذار فريق جمهوري لا يعطّل الحكومة والسلطة، في حين أن فريق 8 آذار يريد الثلث المعطل لتعطيل الحكومة. نحن نرفض هذه الصيغ لأنها في مكان ما تفسر بأن وجودنا مع حزب الله في حكومة واحدة يعني موافقتنا «إقليمياً» على استراتيجيته وأعماله، وتعني أيضاً أننا نشارك معه في حكومة تقف الى جانب نظام الرئيس بشار الأسد، وهذا أكبر ضرر على لبنان. لن نشارك في حكومة تغطي مشاركة الحزب في سوريا. حتى محلياً، علامَ نحن متفقون مع حزب الله و8 آذار حتى نؤلف الحكومة معاً، فلماذا نكون معاً إذا لم نكن قادرين على إيجاد حلول داخلية؟

لماذا لم يقدم الرئيس سليمان حتى الآن على تأليف الحكومة؟

ـ معلوماتي أن الرئيس ميشال سليمان والرئيس المكلف تمام سلام يعتبران أنه يجب ألا يتأخرا في إعلان الحكومة. ويجب أن يقوما بهذه الخطوة وأن يعملا بحسب قناعتهما ويقدما تشكيلة حكومية في أسرع وقت. هذا أمر دستوري وعليهما القيام بخطواتهما الدستورية. وعلى كل فريق حينها أن يحدد خياراته. واللعبة الفعلية هي أن يعترض المعترضون داخل المجلس النيابي.

أنتم ترفضون حكومة جامعة، والفريق الآخر يرفض حكومة حيادية. ألا تقع المسؤولية على الطرفين لأن ذلك يعني عدم تشكيل الحكومة؟

ـ الفريق الآخر هو الذي يهوّل بعظائم الأمور ويهدّد. في حين أننا نطرح فقط رأينا ولا نهدد. لقد شكلوا حكومة من لون واحد ولم نهدّد أحداً، بل مارسنا حقنا الديموقراطي بالمعارضة داخل المجلس وخارجه. أحياناً أصبنا وأحياناً لم نصب، لكننا لم نهدد أي طرف. هم يهددون علناً وضمناً ويطلقون تهديداتهم بالطرق السياسية والإعلامية وكأننا عشية 7 أيار.

ألا يتحمل رئيس الجمهورية والرئيس المكلف مسؤولية عدم الإقدام على هذه الخطوة؟

ـ رئيس الجمهورية والرئيس المكلف موقعان دستوريان واجبنا الحفاظ عليهما. كنا نتمنّى أن يسرعا في التأليف فلا تبقى الأوضاع معلقة أشهراً. أعتقد أنه يمكن أن تتأخر الحكومة لأسبوع أو أسبوعين، ولكن لن نبقى بلا حكومة حتى موعد الاستحقاق. بل ما أعرفه أنها ستشكل قبل 25 آذار.

لكن بكركي دخلت أيضاً على الخط بدعم حكومة جامعة؟

ـــ بكركي تتحدث بالمبادئ العامة، وتترك السياسات اليومية للقوى السياسية والأحزاب. على كلٍّ، بكركي لن تقف، بحسب موقفها الرسمي الذي أعلنته، ضد أي حكومة يوقّع مرسومها رئيس الجمهورية.

ألا تخشى بقاء البلد من دون حكومة والاقتراب من مرحلة الفراغ الرئاسي؟

ـــ نحن ندفع بكل قوتنا كي تجرى الانتخابات الرئاسية، ولن نمشي بأي تسوية تجرب جهتان إقليميتان أو دوليتان أن تتعاطيا بها أو تضغطا على الأفرقاء اللبنانيين، وضد أي مساع تقوم بها بعض الدول الأوروبية، للضغط على الأفرقاء لتسمية الرئيس مسبقاً. نحن مع نزول جميع النواب الى أول جلسة يدعو إليها الرئيس نبيه بري، أو الجلسة التي تسبق نهاية المهلة بعشرة أيام، ليصوّت كل منهم للرئيس الذي يريده. نحن ضد التفكير بأي مسعى للاتفاق المسبق على اسم الرئيس، ومع ممارسة اللعبة الديموقراطية الى أقصى الحدود.

تتصاعد خطورة الوضع الأمني من تفجيرات متنقلة واغتيال الوزير محمد شطح. ألا تعتقد أن هذه الوتيرة ستؤدي الى شل البلد ولن تسمح بالانتخابات؟

ـــ لأن الوضع الأمني على هذا النحو، يجب أن نسرع في تأليف الحكومة وإجراء الانتخابات الرئاسية. ولكن يجب أن نميز بين الأحداث الأمنية ولا نساويها. تفجيرات طرابلس والضاحية، والأحداث على الحدود لها علاقة بتداعيات الحرب في سوريا. لكن اغتيال الوزير محمد شطح يأتي في سياق الاغتيالات التي تعرضت لها شخصيات قوى 14 آذار. 17 اغتيالاً وقعت حتى الآن من فريق واحد، والفريق الآخر لم يتعرض لأي عملية اغتيال. فمن يكون يقتل الآخر؟

لم تعد قضية الإرهاب التكفيري مجرد استنتاج، بل أصبحت أمراً واقعاً بعد إعلان جبهة النصرة وداعش لبنان أرض جهاد؟

ـــ جميع اللبنانيين متفقون على محاربة التكفيريين، بدليل أن أي عملية ينفذها هؤلاء تكشف بعد وقت قصير. هذا ما حصل مع تفجير السفارة الإيرانية وتفجير الضاحية. لكن المشكلة تكمن في التفجيرات الأخرى التي لم نعرف بعد منفذيها. من قتل الوزير شطح، ولماذا؟ لقد عرفت أسماء منفذي تفجيرات طرابلس ولم يوقف أي منهم. الفريق الآخر اغتال 17 شخصية من 14 آذار ولم يقترب أحد منه. ولم يكفهم اغتيال شطح، بل بدأوا سلسلة تهديدات على الهاتف ضد النائب أحمد فتفت ومن ثم مي شدياق ونديم قطيش، وأخيراً ضد النائبة ستريدا جعجع. أنا أعتبر ما يحصل استكمالاً لاغتيال شطح ومحاولة لتدمير قوى 14 آذار. أتمنى من الأجهزة الأمنية أن تأخذ التهديدات بالجدية اللازمة وملاحقة القائمين بها. من هنا، لا يحق لأحد اتهام الفريقين المتنازعين في لبنان بالخلل الأمني. هناك فريق واحد مسؤول وهو يستهدفنا.

تنطلق الأسبوع المقبل أعمال المحكمة الدولية. ألا تخشى من أن تساهم انطلاقتها في مزيد من التفجير الأمني في لبنان؟

ـــ المحكمة الدولية هي واحد من الإنجازات الكبيرة للشعب اللبناني لأنه للمرة الأولى سيعرف من وراء هذه الاغتيالات. هذه عملية دولية قانونية. وبالمناسبة أريد أن أسأل أين أصبحت قضية شهود الزور التي أسقطوا حكومة الحريري من أجلها، وشوّهوا صورة المحكمة بسببها؟ لقد شكلوا حكومة مؤلفة مئة في المئة منهم، فأين أصبحت هذه القضية؟ أتمنى على اللبنانيين متابعة أعمال المحكمة الدولية وتفاصيلها ويخرجوا بالاستنتاج من قام بالاغتيالات في لبنان. وإذا كانت المحكمة ستخربط الوضع اللبناني، فهذه «آخر الدني»، ولا أعتقد أننا أصبحنا في «آخر الدني».