كان لافتاً في اليومين الأخيرين اعلان أكثر من قيادي في 14 آذار عن انطلاق المقاومة المدنية من اجل المواجهة السياسية مع الحفاظ على الطابع السلمي الديموقراطي للتحرك، وذلك عبر إطلاق سلسلة من التحركات السلمية داخلياً، فضلاً عن تحرك في اتجاه السفارات لشرح موقف قوى 14 آذار من الأوضاع والتطورات.

منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد اكد ان المقاومة المدنية “التي أطلقناها هي نتيجة محاولات متكررة منذ عام 2004 حتى اليوم من خلال السياسة التقليدية، للتوصل الى حد ادنى من التفاهم مع الطرف الآخر من اجل قيام الدولة. وامام فشل هذه المحاولات، اعتمدنا 3 عناصر جديدة في أدبياتنا السياسية:

1 - الوطن يقع تحت الاحتلال الايراني.

2 - وجوب تحرير لبنان من السلاح غير الشرعي.

3 - انطلاق المقاومة المدنية”.

ويؤكد سعيد “ان المقاومة المدنية ليست قراراً نظرياً بل هي قرار توصلت اليه 14 آذار بعد معاناة دامت 8 سنوات، اذ انها حاولت ابتكار، كل الامكانات للتوصل الى تسوية، لكن ما من نتيجة من الطرف الآخر. فاتخذنا قراراً سلمياً ولن نذهب الى توازن رعب وسلاح بيننا وبين الطرف الآخر”.

أما أدوات هذه المقاومة المدنية فيلخصها سعيد بالآتي:

“أولاً، كتلة نيابية كبيرة، وبالتالي على النواب القيام بالخطوات اللازمة لإبراز المقاومة من خلال ابتكار أشكال التعاون بينهم وبين الدولة والمؤسسات.

ثانياً، كتلة شعبية كبيرة وعابرة للطوائف تتمتع بها 14 آذار، ويجب ان تبنى يوماً بعد يوم.

ثالثاً، تجمعات سياسية وأحزاب منضوية تحت لواء 14 آذار قادرة على التحرك.

رابعاً، انتشار لبناني يتحسس ويتضامن كثيراً مع قضية لبنان، وعليه ان يعتبر ان قضية لبنان هي قضيته. لذا من الضروري التحرك للتأثير على الدوائر الخارجية من أجل تأمين حماية لبنان.

وشدد على “ان آليات العمل لانتاج المقاومة المدنية متوافرة، واجتزنا شوطاً كبيراً في هذا المجال، لكن نتائج المقاومة المدنية ستأخذ وقتاً”.

بين المقاومة والعصيان

لكن ما الفرق بين المقاومة المدنية والعصيان المدني؟ وهل هما متشابهان؟

قانوناً، يمكن تعريف العصيان المدني بأنه فعل إرادي، جماعي ومنظّم، يرمي إلى رفض تطبيق قانون أو نظام ورفض الانصياع لأوامر السلطة بهدف الضغط عليها، ولكن في صورة غير عنفية، لأن تحوّل التحرك عصيان جرمي يلغي شرعيته كلياً.

والعصيان المدني تحدده رئيسة جامعة اللاعنف وحقوق الانسان في العالم العربي الدكتورة أوغاريت يونان بالفكرة اللاعنفية، “ومن يخترها يختر الخيار اللاعنفي، وبالتالي لا يستطيع أن يكون مرة مع العنف ومرة ضده”. يذكر ان أبرز من اعتمد العصيان المدني في العالم هو غاندي، الذي عصي الاستعمار، وعلم الناس حقيقة العصيان ولم يمزج ولا مرة بين اللاعنف والعنف. لقد استعمل العصيان وسيلة لتحقيق استقلال بلده، وفي الوقت عينه علّم المواطنين كيف يطوّرون أفكارهم السياسية وجعلهم يكتسبون الافكار الديموقراطية في طريقة لاعنفية”. يونان ترحّب وتؤيد كل من يطرح المشروع المدني ويعمل به. وتقول: “ان العصيان المدني هو شكل من اشكال المقاومة لكنه شكل تصعيدي وله انواع وأشكال عدة”. وتشير الى انه “في لبنان والمنطقة العربية تستخدم كلمة المقاومة المدنية، لكن في ظل عدم معرفة عالم اللاعنف والنضال اللاعنفي، لأنه ثقافة مهمشة ليس فقط عربياً بل عالمياُ أيضاً، أو عن عدم اقتناع تستخدم كلمة “مدنية سلمية” وليس لاعنفية”.

أما عن المقاومة المدنية وتعريفها، فتقول يونان انه “يجب الاجابة عن 3 اسئلة لتحديد ما اذا كانت هذه المقاومة لاعنفية. ما هي القيم والمشروع السياسي للجهة التي تعتمده، بغض النظر عمن تكون الجهة؟ ما هي استراتيجيتها؟ ما هي الوسائل والادوات التي تجسد من خلالها المقاومة؟”.

اذاً، هل تصب حركة 14 آذار في اطار العصيان المدني؟ يؤكد سعيد ان المقاومة تختلف عن العصيان، “لكن مسار المقاومة المدنية ربما قد يصل الى العصيان، مع الأدوات الأربع للمقاومة التي تكلمنا عليها سابقاً، لا نريد ان نصل الى نتيجة العصيان قبل استنفاد كل قوانا والوسائل”.