حين أعلن الرئيس نجيب ميقاتي في 13 حزيران 2011 تشكيلة حكومته، التي ضمّت إليه 4 وزراء طرابلسيين لأول مرّة في تاريخ الحكومات اللبنانية، وهم: محمد الصفدي للمالية، نقولا نحّاس للتجارة والاقتصاد، فيصل كرامي للشباب والرياضة وأحمد كرامي وزير دولة، ظنّ أغلب أهالي عاصمة الشمال أن «فرصة تاريخية» سنحت أمامهم، وأن عليهم اغتنامها من أجل رفع الحرمان التاريخي عن المدينة، وانتشالها من واقعها البائس على كل الصعد.

لكن سنتين ونصف سنة تقريباً مضت على عمر الحكومة الميقاتية، لم تشهد فيها طرابلس تدشين أي مشروع إنمائي، باستثناء مشروع افتتاح القاعة الرياضية في الميناء العام الماضي. وهذا المشروع افتتحه الوزير كرامي بـ«طلوع الروح»، بعد جهود مضنية بذلها على كل الصعد، التزاماً منه بوعد قطعه على نفسه وأهالي مدينته.

غير ذلك، لم ترَ طرابلس من «نعمة» حصتها الوزارية أي شيء. لا بل إن مبلغ الـ 100 مليون دولار الذي خُصص لتنفيذ مشاريع إنمائية في طرابلس بقي رصيداً جامداً، بعدما أثّر التباين بين ميقاتي والصفدي على آلية صرفه.

تصف مصادر سياسية مطلعة السنتين والنصف الماضية بـ«الفرصة التي لا تعوّض ضاعت على طرابلس»، وردت عدم اغتنام هذه الفرصة النادرة إلى عاملين، «الأول، غياب الانسجام بين ميقاتي والصفدي». واعتبرت أنه «لم يعد ينفع اليوم تحميل أحدهما المسؤولية للآخر، لأن الفرصة ضاعت وانتهى الأمر، وضاع معها الأمل بولادة ثنائية سياسية سنية، وبجعل طرابلس مركز ثقل على الخريطة السياسية».

أما العامل الثاني، برأي المصادر، فهو أن ميقاتي «راعى تيار المستقبل أكثر من اللزوم، وهو ما جعل كثيرين ينتقدون هذه السياسة، لأنه لم يقدم حتى على إجراء تعيينات ضرورية في مراكز شاغرة، مع أن تيار المستقبل كان يقول له كل يوم إنه لا يحمل له منّة ولا جميلاً».

في مقابل ذلك، يعرف ميقاتي ووزراء طرابلس الأربعة، وفق المصادر، أنهم ومدينتهم «كانوا مستهدفين منذ تسمية الأول رئيساً مكلفاً في 25 كانون الثاني 2011، وأن إعلان «يوم الغضب» في طرابلس حينها، لم يكن سوى إعلان الحرب على هذه الحكومة ومحاربتها بلا هوادة».

وتؤكد المصادر أن حكومة ميقاتي لم ترتح يوماً واحداً في طرابلس منذ تشكيلها، مشيرة إلى أن «13 جولة من جولات الاشتباكات الـ 18 التي شهدتها طرابلس منذ أحداث 7 أيار 2008، حصلت في عهد حكومة ميقاتي، وأن يوماً واحداً لم يمر في طرابلس، طيلة فترة حكومة ميقاتي، بلا وقوع إشكالات يومية ومتكررة». فطرابلس بحسب المصادر «تدفع ثمن إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري».

وترافق هذا التوتر الأمني مع شلل اقتصادي وأزمة معيشية خانقة، جعلت الطرابلسيين يزدادون فقراً، قبل أن ينقشع غبار الأزمة عن «بروز خطاب تكفيري حاد لم تعرفه المدينة من قبل، ويضعها على كفّ عفريت»، وفق المصادر.

برغم كل هذه الأجواء السلبية، رأت المصادر أن حكومة سلام، إذا كتب لها أن تبصر النور هذا الأسبوع، «سيكون لها أثر إيجابي لا يمكن إنكاره، وهو نزع عامل التوتر من المدينة، أو تخفيفه في أسوأ الأحوال».

وإذ اعتبرت المصادر أن «عودة الاستقرار إلى طرابلس سيجعل الكل رابحاً»، لم تخف اقتناعها بأن حكومة سلام «لن تنجز أي مشاريع تنموية، لأن عمرها قصير ينتهي مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية».