شدد متروبوليت طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الارثوذكس افرام كرياكوس، على "وحدة العائلة الطرابلسية"، لافتا الى أن "مدينتنا طرابلس هددتها فتنة مفتعلة منذ عشرة أيام، غير أن المحرضين والمنفذين فشلوا وشلت أصابعهم ونجونا أجمعين، وبقي وجه طرابلس أبيضا ناصعا، بهيا مشرقا ساطعا، كان ذلك إثر حرق مكتبة السائح وما سبق الحرق من أكاذيب وإفتراءات وتعرض بالرصاص لأحد العاملين فيها، الغرض منها إشعال نار الفتنة في ربوع الفيحاء والجوار".

وأوضح في مؤتمر صحافي عقده في مقر المطرانية في طرابلس، في حضور رئيس اساقفة طرابلس للموارنة المطران جورج بو جودة، امين دار الفتوى الشيخ محمد امام ممثلا مفتي طرابلس والشمال مالك الشعار، رئيس بلدية طرابلس نادر غزال، نقيب الاطباء في الشمال إيلي حبيب، نقيب معلمي المدارس الخاصة نعمه محفوض، رئيس دير سيدة البلمند الاسقف غطاس هزيم وحشد من الناشطين في المجتمع المدني ورجال دين، أنه "إذ ألهمنا كلنا نحن الذين نمثل قطاعات طرابلس والشمال كافة، على اختلاف مشاربنا الدينية والسياسية. لقد عبرنا أحسن تعبير عن واقع طرابلس الموحدة وعن مجتمعنا الواعي المتشبث بتراث المدينة الواحد تراث العيش معا والشراكة الوطنية البناءة. هكذا نجحنا في الرد الناصع الفصيح على مضمري الشر وسعاته الحاقدين وزارعي الفتنة والمأجورين الجهلة. إن الوعي والعقلانية والتبصر والمواطنية المستقيمة الصادقة، كلها صفات مكنتنا من أن نقف سدا منيعا في وجه المفتنين الناثرين إفرازات الواقع الصهيوني في منطقتنا العربية".

وتابع: "إن الذين خططوا للفتنة لم يستهدفوا شخصا ولا جماعة وإنما استهدفونا كلنا من دون استثناء لأن تشويه وجه طرابلس والتنكر لتاريخها الجامع يسيء إلينا جميعا، لذا رأيتنا نهب دفاعا عن أنفسنا وحضارتنا ووطنيتنا حفاظا على طرابلس درة الوحدة اللامعة، وردا معيوشا على المأجورين الكاذبين المروجين أن طرابلس لا تقبل التنوع ويسودها التعصب الأعمى. صحيح أن بعض أبنائها يتركونها ويقيمون خارجها ولكن التاركين هم من كل الطوائف. وسبب هربهم منها إنما يعود إلى الفلتان الأمني والإنكماش الإقتصادي. وسبق أن رفعت المدينة الصوت عاليا مطالبة السلطة بالضرب بيد من حديد العابثين بأمن المدينة والمواطنين. وما زالت صرخات أبنائها أجمعين تدوي مطالبة بجعلها منزوعة السلاح لينعموا بحقهم بالحياة الهادئة والعيش الرغيد وراحة البال. ولن نبرأ من جولات العنف في المدينة إلا بالأمن مستتبا، وهو الكفيل وحده التنمية الإقتصادية والإزدهار. طرابلس ضحية العنف المستورد فالمطلوب أن تضع حدا له السلطات الأمنية لما تحزم أمرها. وساعتها يكف أبناؤها عن هجرتها ويبطل تهريب الرأسمال منها فتنشط الحركة الاقتصادية فيها وتتوافر فرص العمل ويعمها الإزدهار ويقصدها الزائرون لبنانيين وعربا وأعاجم. ونغتنم هذه المناسبة الجامعة لنذكر بما طلبه المخلصون لطرابلس ويطلبونه على الدوام وهو إشاعة الطمأنينة وإقامة الأمن ورعاية العدل ومحاسبة الخارجين على القانون. إنهم لن يرعووا بالدراية، ولكن حماية المدينة منهم ومن شرهم وصلاح أمرهم لا يتمان إلا إذا حزمت الدولة أمرها وفرضت الأمن وزرعت العدل وحاسبت المحرضين على الفتنة والمنفذين من أجل طمأنينة الطرابلسيين.

ولا يسعنا أيضا إلا أن نؤكد أننا في طرابلس عائلة واحدة تعيش المصير نفسه دونما تمييز في الدين أو المذهب. وأن ما يروجه بعض المحللين من خارج المدينة أنما يفعلون ذلك لدوافع مغرضة فيشوهون سمعتها بالإدعاءات والأكاذيب والتحريضات المشبوهة المأجورة. وكثيرا ما أكدت طرابلس حقيقتها الموحدة العائلية واقعا ولكن للأسف لا يلاحظ الحاقدون ذلك. قتل الله الغرض. فيصح فيهم قول الكتاب المقدس: "لهم آذان ولا تسمع ولهم عيون ولا تبصر".

واكد ان "طرابلس ستبقى مدينة الوحدة المجتمعية والعيش معا، فليفهم هذا القاصي والداني، وعلهم يعملون معنا على تثبيت هذا الخلق الكريم بدل التحريض على الفرقة والفتنة أمانة للبنان وبرا بطرابلس".

وختم :"لا بد أخيرا من التنويه بغيرة رئيس البلاد العماد ميشال سليمان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، والمفتي مالك الشعار والمطرانين جورج بو جودة وإدوار ضاهر والوزراء والنواب الحاليين والسابقين والقادة السياسيين والمراجع الأمنية والأحزاب والهيئات المجتمعية. لقد هبوا جمعيهم يدافعون عن الوحدة الطرابلسية ويستنكرون محاولة الفتنة. أما المجتمع المدني وفاعلياته فقد أبلى البلاء الحسن في الدفاع عن وحدة طرابلس وازدهارها. ولا يسعنا أيضا إلا أن نشير شاكرين إلى الدور الوطني البناء الذي لعبه رجال الإعلام الشماليون إن في الوسائل الإعلامية المقروءة أو المرئية أو المسموعة".

من جهته، علق الشيخ إمام مؤكدا "أحقية كلام المطران كرياكوس"، لافتا الى "اهمية تلاقي الشباب الطرابلسي والشمالي من مختلف الطوائف من اجل ابراز الوجه الحقيقي لأصالة المدينة وتقاليدها وتاريخها".

وشدد على ان "طرابلس هي مجتمع الفضائل والقيم والعيش الواحد وإن حدث، لا سمح الله، شيء من هذا القبيل الذي مر بنا من عشرة أيام فهو بلسان حال الجميع أمر لا يعبر عن اهل هذه المدينة ولا عن نسيجهم ولا عن مختلف أطيافهم التي تعيش في هذه المدينة. لا بد أن نؤكد دور المجتمع المدني المشكور فعلا الذي أرى أن صوته الذي لا يهمد والذي يستمر في كل مناسبة إستنكارا لما يحدث حتى عندما تحدث ما يسمى الجولات 16 و17 و18 يهب المجتمع المدني لا شك بان ذلك يؤثر تأثيرا كبيرا على لجم ما يحدث وما يراد لهذه المدينة فهم مشكورون إضافة بل أصلا المرجعيات الدينية والمقامات الموجودة في هذه المدينة هي التي ترعى كل تحرك طيب وكل مسعى خير".

وأجاب ردا عن سؤال عن أن "ثمة نشاطات للقيادات الروحية تجمع أبناء كل الطوائف".