في ظل الحركة الكثيفة التي تشهدها الساحة الداخلية لتأليف الحكومة، يبدو تكتل التغيير والاصلاح ابرز الغائبين عن الساحة، ما يطرح جملة اسئلة عن سر هذا الانكفاء، الذي زادته حدة مغادرة العماد ميشال عون لبنان في هذا التوقيت.

الوزير ​جبران باسيل​ الذي كان مع تشكيل الحكومات السابقة ثالث «الخليلين» في التحركات المكوكية، يقول في حديث الى «الأخبار»: «أسهل شيء ان نكون في الصورة.

نحن نعمل على تفكيك الاصطفافات الحادة، وليس لحشر فريق ضد آخر. نحن في قلب الحركة السياسية ولكن بطريقة مختلفة وتساعد اكثر، وكل ما يحكى في الاعلام ليس صحيحا. لا نضطلع بكل المساومات الرقمية التي تحصل، ونقوم بمساهمات داخلية وخارجية كثيرة تساعد حتى اليوم في حلحة الامور. لكن الامر الاساسي الذي نريد التثبت منه قبل الدخول في جهد ضائع او اعطاء مبررات، هو: هل هناك حقاً قبول من الطرف الاخر بحكومة شراكة ام لا؟ في البدء كانوا يقولون انهم لا يجلسون مع حزب الله الا بعد انسحابه من سوريا، وغيرها من الشروط الاقليمية المستحيلة، فاعتبرنا حينها ان هذه امور تعقيدية. وحين تزول هذه الشروط ويتم القبول بالشراكة لتأليف حكومة وحدة وطنية جامعة، وحين نتثبت من ذلك، نكون اكثر من معنيين.

لكن حتى اليوم لم يحسم هذا الامر في شكل نهائي، ولم نعطَ اجوبة نهائية وواضحة. هناك كلام ايجابي واجواء ايجابية، ولكن لم يؤكد جميع المعنيين موقفهم بقول نعم لحكومة سياسية جامعة وشراكة من دون شوط مسبقة او تعقيدات. لذا يبدأ النهار بأجواء ايجابية وتفاؤل، وحين تعقد الاجتماعات ليلا تطرح شروط وامور جديدة فيتبدد التفاؤل وهكذا دواليك، بسبب وجود تناقضات ضمن الفريق الواحد». وأضاف: «نحن في هذا الشق نساعد ونساهم الى اقصى حد للوصول الى حكومة شراكة ونشجع جميع المترددين عليها، ونلعب دورا اكثر من ايجابي. حين تبت هذه المرحلة ننتقل الى المرحلة الثانية».

وعن ماهية العقدة الاساسية اليوم، البيان الوزراي ام المداورة ام مبدأ الجلوس الى جانب حزب الله؟ يجيب: «العقدة الاساسية هي عدم وجود ثقة عميقة بين الاطراف نعمل عليه، من اجل الوصول الى نتيجة واحدة: اقرار مبدأ الجلوس الى طاولة واحدة من دون اقصاء لاي طرف ومكون اساسي. هناك اشارات ايجابية في هذا الشأن بالكلام والموقف، لكنه ليس نهائياً». وعن المطلوب ليصبح نهائياً؟ يجيب: «هذا يعود الى تيار المستقبل في شكل اساسي كي يكون لديه موقف واضح وواحد يترجم في شكل صريح بالموافقة النهائية ليتم الانتقال الى المرحلة الثانية. قد تكون هناك امور تتعلق بالتشكيلة الحكومية ومحاولة تحسين شروط او فك تناقضات ومحاولات كسب نقاط. لا اعرف. المهم ان تعطى الموافقة النهائية، اي تفاهم جيد يؤسس ليس فقط لتشكيل الحكومة وانما ايضا لرئاسة الجمهورية واجراء الانتخابات النيابية. ما يحصل اليوم بداية مسار ايجابي نحن معنيون بحمايته وانجاحه، والا سنتجه الى مسار سلبي. بالنسبة الينا نعطي الفرصة الحقيقية لخلاص البلد وعكس الاجواء الايجابية».

وشدّد باسيل على «ان التمثيل المسيحي ليس تفصيلاً، وهو موقف مبدئي لا نتزحزح عنه، ويتعلق بما نمثل وما نمثل. فالحكومة يجب ان تحترم الميثاق والدستور، وان يتمثل فيها كل طرف تمثيلا صحيحا. لا يلتبس هذا الامر على احد. مهما تعددت العناوين والاخراجات لا يجب ان تحيد عن الجوهر. التمثيل المسيحي اساسي، لا نريد ان نخفف الصراع السني ــــ الشيعي على حساب المسيحيين وتغييب الدور المسيحي. هذا امر اساسي ولا يجب التلاعب به. ما يحصل حاليا من اتصالات جيد، ولكن ليس على حساب محونا او المس بدورنا».

وعن غياب المسيحيين من 8 و14 آذار عن التسوية الاقليمية التي تفرض حكومة جديدة برضى المستقبل وحزب الله بما يوحي وكأن هناك تحالفاً رباعياً جديداً، يجيب: «نحن من جهتنا مطمئنون الى ان لا تحالف رباعياً مكرراً على حسابنا، لان البلد يحتاج الى تحالفات اكبر من التي حصلت واظهرت سابقا انها متفجرة. واذا حصلت ستأخذ البلد نحو الانفجار. لا نخشى التفاهمات لانها لا تتم مثلا على التمديد او على حساب احد. ما يحصل هو اوسع من التحالف الرباعي وسنكون في قلب هذه التفاهمات». ويضيف: «لا يغلط معنا احد، فنحن لن نتنازل عن اي امر فيه عدالة التمثيل والمساواة بين الجميع، واي انتقاص لن نقبل به، ولن نكون راضين عن اي امر غير مستقيم».

وعما يتردّد عن غياب التكتل عن الصورة لرفضه المداورة والحقائب التي عرضت عليه، يقول: «النقاش الجدي لم يصل الى هذا الحد بعد لا عن الحقائب ولا عن المداورة، وكل ما يقال غير صحيح».

وهل انتم مع المداورة؟ يجيب: «هذا الموضوع متروك للمرحلة الثانية، وسيكون لنا موقف واضح فيه. لنفك العقد اولا واحدة تلو الاخرى قبل ان نصل الى المداورة. أي عمل مفيد وعادل ومتوازن ينسجم مع المرحلة ولا ينتقص من احد ومن صحة التمثيل، لا نرفضه بالمطلق. ولكن لن نقبل بأي عمل اقصائي. هذه هي القاعدة».

وكم يعطي نسبة نجاح لمساعي التأليف؟ يرد: «الخوف هو ان يكون هناك طرف ما يعد لامر ما، بأجندة خارجية مع عملاء ومنفذين في الداخلي، ويكون ما يحصل من اخراجات مجرد تمرير للوقت، كي يضع البعض الامر الواقع امامنا تحت حجة عامل الوقت. وهذا الامر الواقع مهما كان شكله سيناقض الدستور». إذاً لا يزال متخوفا من حكومة الامر الواقع؟ يجيب: «لا تزال ورقة حكومة الامر الواقع موجودة لدى احدهم، ويهوّل بها. هذه ليست الا ورقة تفجير ولن تنفجر الا في صاحبها».