في ظل الأجواء الإحتفالية، التي يمر بها كل من "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، في ذكرى توقيع ورقة التفاهم بين الفريقين، يبدو أن الحزب مُحرَجٌ اليوم في ما يتعلق بالأولويات، خصوصاً بعد أن بات مهتماً بأكثر من ملف داخلي وإقليمي.

في هذه الأيام، قد يكون الملف الحكومي هو الأكثر متابعة من قبل الحزب لعدة أسباب، وأولوياته في هذا المجال واضحة، هو يريد مراعاة حليفه الأساسي إلى أقصى الحدود، لكنه في الجهة المقابلة يريد الإسراع في تشكيل حكومة تساعد على ضبط الوضع الأمني إلى حد ما.

يدرك الحزب جيداً أن هذه الحكومة لن توقف التفجيرات التي تستهدف مناطق نفوذه بشكل أساسي، لكنه يرى أنها تساعد في تخفيف حدة الإحتقان المذهبي السني-الشيعي، الأمر الذي يخفف من حدّة الخطاب السياسي المتطرف الذي يؤمن بيئة حاضنة لعناصر الجماعات الإرهابية من جهة، ويؤمن غطاء سياسياً يساعد الأجهزة الأمنية على متابعة هؤلاء من جهة ثانية.

في هذا السياق، تؤكد مصادر مقربة من الحزب لـ"النشرة" أنه سيكون إلى جانب رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون في أي موقف يتخذه من الحكومة، فالعلاقة مع "الجنرال" هي من الأولويات بالنسبة إلى قيادة "حزب الله"، لا سيما أن لـ"التيار الوطني الحر" دينًا منذ أيام العدوان الإسرائيلي في تموز 2006. ويؤكد أن لا علاقة له في بعض الإنتقادات التي وجهت إلى التيار من جانب بعض الحلفاء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

وتلفت المصادر، عبر "النشرة"، إلى أن قيادات الحزب تلقت تعليمات في الأيام الأخيرة تشدد على ضرورة التركيز على أهمية ورقة التفاهم بين الجانبين، وعلى التمسك بخيارات التيار "الوطني الحر" من الإستحقاقات المقبلة، ورفض تجاهل رأيه بها بأي شكل من الأشكال، وهذا ما سيظهر في الساعات القليلة المقبلة بأكثر من طريقة.

إلى جانب ذلك، لدى الحزب إهتمام بتشكيل حكومة سياسية جامعة بأسرع وقت ممكن، خصوصاً بعد أن أصبح الهاجس الأمني أولوية. وهو يريد من هذه الحكومة التركيز على هذا الملف بالدرجة الأولى، بغض النظر عن باقي الملفات، ومن أجل ذلك كانت الإعتراضات لديه على توزيع الحقائب الذي تم الحديث عنه في الأيام الأخيرة والمتعلقة بالحقائب الأمنية، أي الدفاع والداخلية والإتصالات. ولذلك يتمنى أن يخفف "الوطني الحر" من مطالبه لكنه لن يضغط عليه، وكل المحاولات التي حصلت في هذا المجال لم تصل إلى نتيجة، وهناك مخاوف من وقوف رئيس كتلة "المستقبل" وراء "المطالب الإستفزازية المقابلة".

في هذا الإطار، ترى المصادر أن الحزب قد لا يمانع، بشكل غير علني، من تشكيل حكومة لا تتجاهل هواجسه الأمنية، على أن يخرج منها هو مباشرة تضامناً مع رئيس تكتل "التغيير والإصلاح"، وبهذه الطريقة يكون قد حافظ على العلاقة مع الحليف وفتح المجال أمام التهدئة الداخلية عبر تشكيل حكومة، ربما يكون الهدف منها التمهيد لتفاهمات أكبر. أما رئيس المجلس النيابي نبيه بري ليس بعيداً عن هذه الأجواء، فهناك تسريبات تحدثت أكثر من مرة عن أن وزراء حركة "أمل" قد لا ينسحبون من الحكومة بحال راعت موضوع الميثاقية في تأليفها.

من ناحية أخرى، تعتبر مصادر في قوى الثامن من أذار أن هناك نوعاً من التباين في الأولويات، فالحزب يفكر بالحكومة أولاً في حين أن التيار يضع نصب عينيه الإنتخابات الرئاسية، باعتباره أن تشكيل الحكومة سوف يؤدي إلى تأجيل الإستحقاق الرئاسي، بينما الإستمرار في الوضع الراهن يعني الذهاب إلى إنتخابات رئاسية يستطيع التيار فيها أن يسوّق مرشحه أو أن يكون مقرراً أساسياً فيها.

في المحصلة، التحالف الاستراتيجي بين التيار والحزب مستمر على الرغم من بعض التباينات في وجهات النظر، والأيام المقبلة ستؤكد على هذا الأمر بشكل واضح.