مبنى وزارة العمل في منطقة المشرفية ـ الضاحية الجنوبية لبيروت متواضع جداً. حرس الوزارة لا يدقّقون كثيراً في الداخلين لحضور التسليم والتسلم بين الوزيرين سليم جريصاتي وسجعان القزي. يعود نائب رئيس حزب الكتائب الى الضاحية وزيراً بعدما زارها للمرة الاولى متضامنا مع أبنائها عقب انفجار الرويس في آب الماضي. عودةٌ تتقاطع مع سياسة الكتائب الانفتاحية تجاه الفريق الآخر، وتمايزها عن قوى الرابع عشر من آذار. يلفت القزي الى أنه خيّر بين وزارات ثلاث، فكانت القرعة لمصلحة حقيبة العمل لان «يدنا ممدودة ولا يجوز التفريق بين منطقة وأخرى. اختيار الضاحية هو خيار للوحدة، ضد الحالة التقسيمية والمقاطعة القائمة في البلد». يقول القزي عبارته بثقة، رغم أن وقفته التضامنية مع أبناء الضاحية لا تزال موضع جدل مع بعض حلفائه.

تعب هاتف القزي من الرنين طوال المشوار من فتوح كسروان الى وزارة العمل في ضاحية بيروت الجنوبية، الا أنه لم يملّ من سماع كلمات التهاني التي تثلج قلبه. بين طبقات مبنى الوزارة، لا تهتم العاملات الاجنبيات وأرباب عملهن بالحدث، فهم يريدون تسيير معاملاتهم.

المشهد ذاته يتكرر، وصولا الى الطبقة السادسة، حيث مكتب الوزير. هرج ومرج داخل قاعة الاجتماعات سببهما الصحافيون والمصورون الذين يتسابقون لنصب كاميراتهم في المكان المناسب. رئيس جمعية الصناعيين نعمة افرام، ورئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن، في مواجهة ممثلي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يناقشون أموراً تخص «الاجراء». في الغرفة الجانبية داخل القاعة، شُغلت سيدات في إعداد الحلوى والعصير، فيما الموظفون يودعون زملاءهم الراحلين مع الوزير السابق. كل ذلك قبل أن تبدأ «حفلة الغزل» بين السلف والخلف. مختلفا كان القزي، خلع عنه طابعه الجدي ليتحول الى صاحب نكتة وروح خفيفة. سلم على الحاضرين بـ«همشرية». الصورة التذكارية مع الوزير لم تخل من العفوية المفرطة، كما أن اللمعة التي زينت عينيه، والابتسامة التي لم تفارقه توحيان كأنه نال ما كان يطمح اليه طوال عمره. كلمات جريصاتي القليلة عن القزي تُشعر المستمع إليه بأنهما من خط سياسي واحد. قال عن خلفه إنه «رجل مؤسسات بامتياز»، مضيفا إن المشاريع التي ينوي القزي تنفيذها «تليق برجل التواصل والانفتاح». حاول الاخير اخفاء ابتسامته وهو يسمع المديح، فيما أثنى افرام على كلام جريصاتي بتعليقات باللغة الانكليزية. في رده نفى القزي «وجود مشاريع حاليا، فقط المشاعر». كشف أنه اختار وزارة العمل «لتاريخها وجغرافيتها وقدرتها على خدمة اللبنانيين»، معلنا أنه سيطبق «ما يُعرف بالمجتمع المدني، بمعنى أن فريق العمل سيكون بخدمة الجميع من دون محاصصات».

كسروانيا، ثمة ارتياح لتمثيل القضاء بعدما كان الوزير زياد بارود آخر ممثليه. أخيرا تحقق الحلم وعُين سجعان القزي وزيرا. طرح اسم نائب رئيس حزب الكتائب لتولي حقيبة وزارية لم يكن مفاجئا، فقيادة بكفيا أصرت عليه منذ بداية المفاوضات الحكومية. الا أن الصدمة الايجابية التي يعيشها القزي توحي عكس ذلك. بصوت «مفخم»، يحييك الوزير الجديد. المبروك «ليست لي، بل للعائلة، والمنطقة وجميع اللبنانيين». الغبطة التي تسيطر على القزي انسحبت على مسقط رأسه، بلدة العقيبة الكسروانية. كان حديث الصالونات منذ يوم تعيينه. الذين أسقطوه في الانتخابات النيابية شاركوه قداس يوم الاحد، لينتقلوا بعدها الى تقديم التهاني في منزله في أدما. لم ترقص العقيبة وتذبح الخراف لابنها البار، كما فعلت ضهور الشوير مع وزيرها الياس أبو صعب. ففي الشكل الاهتمام أتى خجولا. لافتة يتيمة علقها أحد أقارب وزير العمل على الطريق البحرية، حيث كان يقع منزل والديه، موقعة باسم «أصدقاء الوزير». المجلس البلدي لم ينه بعد اللافتات التكريمية. التأخير أيضا يطاول قسم العقيبة الكتائبي، لكنّ ذلك ليس مهماً، فـ«الجائزة الكبرى» تسلّمها القزي بعد طول انتظار.

وفي الإطار ذاته، جرت أمس عملية تسليم وتسلم عدد من الوزارات الأخرى بين الوزراء السابقين والجدد. فسلم وزير البيئة السابق ناظم الخوري الوزارة إلى الوزير الجديد محمد المشنوق، وسلم وزيرالاعلام السابق وليد الداعوق الوزارة لخلفه في الحكومة الجديدة رمزي جريج. وفي وزارة الزراعة جرى حفل التسليم والتسلم بين وزير الزراعة السابق وزير الصناعة الجديد حسين الحاج حسن ووزير الزراعة الجديد أكرم شهيب.