عشر دقائق كانت كافية ليُسلم الوزير نقولا الصحناوي وزارة الاتصالات ويتسلم الوزير ​بطرس حرب​ «هذا التراث»، على حدّ وصفه. معاً دخلا القاعة الفسيحة داخل المبنى المرمم في شارع المصارف وسط العاصمة. كرسي واحد وُضع على رأس الطاولة، وكأن أحد الوزيرين غير مرحب به. هذه الهفوة البروتوكولية استغلها حرب ليطلق «مزحة» لها مدلولات سياسية، قال: «معودين عا الكرسي الواحد». ضحكتهما تركت أثرها في الأجواء، كذلك فإن شبكهما الأيادي كان أكثر ما التقطته الكاميرات؛ فهذان الرجلان ليسا مجرد خصمين ينتمي كل منهما إلى فريق سياسي.

ربما هما نسيا، أو تناسيا، أن حرب عقب محاولة اغتياله في مكتبه في بدارو في تموز من عام اتهم الصحناوي بأنه يغطي المتهمين باغتياله وبأنه مشارك في محاولة قتله؛ لأنه تأخر في تسليم داتا الاتصالات، التي عاد الوزير السابق وسلمها بعد أسبوع تقريباً. «الفلفشة» في الأرشيف لم تعد من الأولويات، المهم أن لقب «معالي الوزير» عرف طريقه مجدداً إلى «شيخ تنورين».

لم تنشغل مكاتب الوزارة بهذه المناسبة. الموظفون تابعوا مهماتهم، مستغلين غياب الوزير ليخالفوا القانون ويتلذذوا بالسجائر داخل مؤسسة عامة. أما مستشار حرب الإعلامي يوسف الحويك فـ«حمى» ظهر نائب البترون «ممشطاً» القاعة بعينيه. بعد الصورة التذكارية، شكر الصحناوي العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر «لخدمة لبنان من خلال قطاع الاتصالات»، إضافة إلى شكر موظفي الوزارة والقطاعات العاملة معها، من دون ذكر هيئة أوجيرو. ثم وجه رسالة إلى اللبنانيين: «إن حرب سيؤمن الاستمرارية داخل الوزارة، فما يجمعنا هو حب الوطن وتطوير لبنان»، متمنياً أن يتمكن خلفه من «مواجهة الصعوبات التي كان لها طابع سياسي وأن نشهد تقدماً على عهده». من جهته، شكر حرب جهود سلفه، واعداً «بالمحافظة على تراث معاليه وتطويره»، وطمأن إلى «أننا لن نمارس سياسة المناكفة، نريد أن نتعاون مع الجميع، فأنا وزير مسؤول». حرب، خلال المدة القصيرة التي سيمضيها في وزارة الاتصالات، يريد «تطوير القطاع اقتصادياً، وإذا النيات طيبة، فسنتمكن من القيام بالكثير». سريعاً خرج حرب من القاعة قبل أن يوضح أموراً عدة: كيف سيتعامل مع المشاكل التي واجهت عهود الصحناوي وشربل نحاس وجبران باسيل، والتي استغلها الآذاريون كثيراً في حربهم على التيار العوني، أبرزها هيئة أوجيرو ممثلة بعبد المنعم يوسف الذي تمرد طويلاً على الوزراء، غلاء كلفة الاتصالات، وبطء سرعة الإنترنت؟ معلوم أن كل وزير يعمل بـ«عدته»، ويدرك الجميع أن حرب يخدم أولاً أبناء البترون، ولا يخفى على أحد الحرب الباردة بينه وبين باسيل على زعامة القضاء، فإلى أي حد سيستغل «الشيخ» منصبه الجديد لتسجيل النقاط في مرمى الخصم؟ خرج بلا جواب، في انتظار الأيام المقبلة.