حمل التفجير المزدوج الذي هزّ منطقة بئر حسن في بيروت، مستهدفا مبنى المستشارية الثقافية الإيرانية، أكثر من رسالة محلية وإقليمية. فالتفجير الذي أتى بعد أيام من تأليف الحكومة الجديدة، التي ضمّت قوى 14 و 8 آذار ومستقلين، تزامن مع اليوم الأول لاجتماع لجنة البيان الوزاري في محاولة من "كتائب عبالله عزام" التي تبنّت العملية التأكيد على جِدّية تهديداتها.
"كتائب عبدالله عزام" حرصت في بيانها على شرح رسالتها التفجيرية، فالعملية أتت "ردّا على "قتال حزب إيران إلى جانب النظام في سوريا، واستمرار اعتقال الشباب المسلم في سجون لبنان.."، بحسب البيان. وتفجير بئر حسن هو ردّ سريع على خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي اعتبر فيه أن حزبه سينتصر في معركته "مع ما وصفه بـ"الإرهاب التكفيري" في سوريا واصفا هذه المعركة بالاستباقية.
ولكن ثمة رسائل مٌبطّنة أيضًا لم يتضمّنها بيان الانتحاريين، مفادها أن لا تسوية بمعزل عن هذه الجماعات، وهي إن حصلت فلا أحد يستطيع تقديم ضمانات بتنفيذها، لا بل إن الجماعات التكفيرية وفي مقدمها كتائب "عبدالله عزام"، أعلنت حربا على حكومة "المصلحة الوطنية" الوليدة في لبنان التي تشكّلت، كما بات معلوما، بجهود محلّية و بدفع إقليمي ودولي.
أول ردّ للحكومة الجديدة على التفجير الذي استهدفها سياسيا وأمنيا قبل أن يستهدف مبنى إيرانيا في شارع بيروتي، كان حضور وزير الداخلية نهاد المشنوق (من تيار المستقبل) الى مسرح التفجير في صحبة وزير المال علي حسن خليل (من حركة أمل) ومسؤول وحدة الأمن والارتباط في "حزب الله" وفيق صفا. هذا المشهد كان ترجمة واضحة للتنازلات المشتركة التي ارتضاها فريقا 14 و 8 آذار بالجلوس معا على طاولة حكومية واحدة لمواجهة الفلتان الأمني الذي لم يعد يُميّز بين طائفة وأخرى ومنطقة وأخرى. تحديات عدة ستواجه الحكومة، ومنها صوغ البيان الوزاري ونيل الثقة في البرلمان.
رئيس الحكومة تمّام سلام سارع الى طمأنة اللبنانيين، بأن البيان الوزاري العتيد سيكون "مُقتضبا"، ربما لأن الشيطان يكمن في التفاصيل. وفي حديث الى قناة المستقبل، ذكّر سلام بأن البيان سيُركّز على انتخاب رئيس الجمهورية لافتا الى أن"التنازل" هو سمة الحكومة الجديدة، وأن التنازل بدأ بالقبول بمبدأ المُداورة في الحقائب.
ولادة حكومة تعمل لثلاثة أشهر فقط استغرق عشرة أشهر من المشاورات وولادة قيصرية، فهل ستستطيع الحكومة تأمين انتخابات رئاسية في الخامس والعشرين من أيار من ضمن المهلة الدستورية، أم أن البلاد ستشهد فراغا في سدة الرئاسة الأولى كما حصل في عهد الرئيس السابق إميل لحود، في الرابع والعشرين من تشرين الثاني من العام 2007؟
أيا تكن النتائج المطلوب ضبط الأمن، ودفع عجلة الإقتصاد لأن العنف والفقر لا يُميّزان بين مواطن وآخر أو بين مُقيم ووافد.