تعطي الجمعيات البيئية مهلة 15 يوماً للحكومة بعد نيلها الثقة للبت بملف ​مطمر الناعمة​، ولكنها وإلى حين انتهاء تلك المهلة، لا تتوقف عن الحراك وعلى مختلف الأصعدة للمطالبة بحل فعلي لمشكلة النفايات في لبنان.

وفي هذا السياق، عقدت هذه الجمعيات اجتماعًا مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان ومن ثم مع وزير البيئة محمد المشنوق، وقد عقدت أيضاً الجمعيات المنضوية تحت إطار الحركة البيئية اللبنانية مؤتمراً بيئياً وطنياً لنقاش هذه المعضلة، حضره حوالي 300 شخص من بيئيين وصناعيين وطلاب جامعات ومختلف المهتمين بهذا القطاع. فبالنسبة لها "المعركة مستمرة، وما من هدوء ولا تراجع"، وفق ما يؤكد رئيس الحركة بول أبي راشد لـ"النشرة".

يتخوّف البيئيون والقيمون على تحرك إقفال مطمر الناعمة من أن يستخدم تحركهم للدفع باتجاه حلّ قد تكون نتائجه أسوأ من نتائج المطمر. وتؤكد أوساط مطلعة أن الحكومة ستصوّت، في أولى جلساتها، على الخطة الوطنية الشاملة لإدارة ​النفايات الصلبة​ للعام 2010، التي يصفها أبي راشد بأنها "مرفوضة تماماً"، معتبراً أن إقرارها سيشكل، في حال تمّ، "صفعة قويّة بحق البيئيين في لبنان، وأهالي الناعمة والجوار الذين اعتصموا لإقفال المطمر". ويذكّر بأنهم ضدّ تلك الخطّة لأن قوامها المحارق، وإن المشجعين عليها يتذرّعون بإمكانية إنتاج الكهرباء من خلال حرق النفايات بالطريقة المعروضة فيها، واصفاً هذا الأمر بأنه "كذب وغير واقعي"، مشدداً على أن "تلك الخطة هي غير بيئية وغير اقتصادية وغير صحية ولا تفيد إلا جيوب المستفيدين منها".

بعض مشجعي خطّة الـ2010 يدعو الناس إلى سماع صراخ البيئيين لا أفكارهم، في محاولة لتسخيف الحلول التي يسعى هؤلاء لعرضها، فيما البعض الآخر يتجه إلى اتهامهم بأنهم يريدون الإستفادة من النفايات عبر بيع تقنيات لمعالجتها على طريقتهم، كون النفايات تشكل مصدراً كبيراً للأموال. أما أبي راشد، فينفي بشدّة هذه الإتهامات، مشدداً على "أننا نعمل في مجال إعادة تدوير النفايات منذ سنوات وأن الحلول التي نعرضها تنطلق من المبادئ المعتمدة عالمياً لا من مبدأ الإستفادة الخاصة"، ويقول: "ما من تقنيات لدينا لبيعها على أي حال".

أما الحلّ الذي تقدمه الحركة البيئية اللبنانية اليوم إلى المسؤولين فيقضي بإرسال المواد العضوية إلى مطمر الناعمة خلال الأشهر الـ11 المتبقية قبل إقفاله بشكل نهائي، وفلشها، وتسبيخها عليه، مما يوفّر على الدولة 54 دولارا للطن، ويقلل من المساحة التي تحتاج إليها "سوكلين" لطمر النفايات. فعلى أي حال، تتقاضى هذه الشركة 30 دولاراً لفصل النفايات وفقاً لنوعها، وبالتالي، فإن النفايات العضوية يجدر بها أن تكون مفصولة عن سائر النفايات أساساً وهذا يسهّل التسبيخ وتحويلها إلى سماد يستخدم لمعالجة المطمر. أما باقي النفايات القابلة للتدوير فيتم بيعها إلى مصانع مختصة، وتبقى العوادم التي يمكن تحويل البعض منها، خصوصاً تلك التي لديها قيمة حرارية كبيرة، إلى أفران شركات الترابة التي يجدر بها أن تكون مجهزّة بفلاتر مناسبة، فيما يُصار إلى طمر النسبة القليلة المتبقية. ولكن "لا جواب حتى الساعة من المسؤولين"، بحسب أبي راشد الذي يقول أنه، عند اجتماع وفد بيئي بوزير البيئة الحالي، "صعق المجتمعون بقول الوزير أنه سيسير بالخطة الوطنية التي وضعت عام 2010، وكان قد اجتمع قبل ذلك لمناقشة المسألة مع كل من وزير الداخلية نهاد المشنوق والمالية علي حسن خليل ووزير الزراعة أكرم شهيب برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام". ويضيف: "هذا سيكون بمثابة خطيئة بحق الشعب اللبناني والأجيال القادمة، وسوف تجرّ الحكومة بذلك، ليس فقط سكان الناعمة بل كل سكان لبنان للنزول إلى الشارع". ويتابع: "إذا سمعوا للبيئيين والصناعيين، نكفل لهم أنّنا سنصل إلى نتيجة إيجابية".

وفي سياق متصل، تحدّثت معلومات عن إعادة نظر شركة "سوكلين" بخططها، في محاولة منها لتصحيح الثغرات، إلا أن موضوع هذه الشركة لا يشكل بالنسبة للبيئيين الأولوية. فبالنسبة لهم، وفي حال تم وضع المعايير المناسبة ومتابعة الإلتزام بها فلا يهمهم كثيراً الموضوع، بل المطلوب "معايير حيادية غير سياسية ومتابعة حثيثة لتنفيذها".

الحراك البيئة مستمرّ إذًا، وهو بالمرصاد لأيّ "مسكّنات مؤقتة" لن تفعل سوى زيادة المشكلة تفاقمًا على المدى البعيد. وبانتظار نضوج الصورة أكثر، يبقى الضغط هو سلاح الجمعيات البيئية الذي لن تتخلى عنه..