أشارت صحيفة "الثورة" السورية في إفتتاحيتها إلى أن "قمة الأعراب ومن معها من العرب إستدارت خارج وجهة التاريخ في حلقتها ما قبل الاخيرة، وإن لم تكن كافية لاستدراك ما يمكن قبل فوات الأوان، فأغلقت ملفاتها المجتمعة تحت سقف إشهار العجز المزمن كعدوى مرضية استحال علاجها، مثلما فشل استئصالها"، مضيفة: "لم تتمكن من الاتفاق على بيان فاكتفت بإعلانٍ تحشوه المصطلحات والمفردات الجامدة، وإن كان لا يغيّر في واقع الحال، لكنه يستدل منه على حافة الهاوية التي وصلت إليها وتكاد تلامس آخر العتبات قبل الخروج الفعلي من التاريخ، لتكون كغيرها من المنسيات بالتقادم، وقد بالغت في مساحات التماهي مع الحال الجنائزي الذي غلفت حضورها وسيطرت على وجودها عبر العقود الماضية باختلاف جبهات الهوان التي فتحتها".

وأضافت: "في بيانها الأخير، لم تكن قادرة على تسويق التواءاتها كورقة صالحة لحفظ ماء الوجه، حين عرّجت على المفردات التي احتوتها جميع قممها السابقة، ولم تتمكن من إضافة مفردة تصلح لتكون علامة فارقة بين زمنين وتاريخين، وبين مشهدين يتكرران على مدى السنوات الماضية في رتم تتثاءب فيه القمة العربية من جديد على خطوط النار المشتعلة في جبهات العرب المفتوحة على خطوط الدم والقتل، وقد ازدهرت فيها تجارة الإرهاب وتصدّر مجالسها أولياؤه المعتمدون، أصالة عن نفسهم أو نيابة عن رعاته، وفيه أيضاً استدلت على كل القرائن التي كانت تائهة في شبهات التورية والنفي، وصولاً إلى سراديب الأقبية والقاعات المغلقة، حيث تشهر ما بطل من أوراق وتعلن على الملأ ما استفاض عن حاجتها في الإخفاء، لتكون شاهد إثبات على أن كل ما كان يقال همساً بات بحكم المسلّم به".

وقالت: "في زمن الأعراب لم تعد الكلمات تدل على مضمونها وضاعت معاني العروبة في الممرات الجانبية، وتحول التضامن إلى ستار ممزق من الأحجيات والألغاز، التي لا تقبل حتى المرور في الزوايا المتبقية من أطلال العمل العربي وفتات وجوده، الذي نثرته ريح الخواء السياسي ولاكته ألسن الخطابات والمنابر"، لافتة إلى أنه "قد يكون من الصعب الحكم على المسارات المستحيلة التي تسير في ركبها، حين استولدت على هوامشها ما يكفي لكي تصطدم بزنار من المشيخات التي تتنازع فيها أدوار الصدأ الوظيفي والوجودي في الآن ذاته، حيث لا فرق بين الارتهان لفتات ما تبقى على موائد الدول وبين أن تقتات على الهوامش المنسية في غفلة من الزمن، وفي مغافلة لكل أحكام الاستناد والمساندة الفاجرة".

وأضافت: "ليس من العبث أن يسجل التاريخ يوماً أن احتضان القمة بات عبئاً ينوء تحته كاهل الأعراب، وليس من باب المصادفة التاريخية أن تمر كل هذه العقود دون أن تستطيع الحقيقة النفاذ من خلف ستائر النفاق والدجل، وأن تدير وجهها بعيداً عن قضايا تلبّستها التهمة، وأصبحت جزءاً من وجودها، وفي بعضها أساس الوجود من اصله"، مشيرة إلى أن "العرب سيقفون يوماً للتمعن فيما قالته كلمات الأعراب، وربما "للاستلهام" مما قدمته في خطابات ومواعظ أمراء المشيخات وملوك الرمال، وسيتذاكرون في الإضافات الفكرية لكثير من قادة تشمعت على أصابعهم خيوط الهزيمة، ولم تفلح في تحريك سبابتهم إلا على منابر التشفي والحقد والخيانة والعمالة الموصوفة على مدى العقود الماضية، وهي تعيد النفخ في القرب المثقوبة في كل الاتجاهات".

وأضافت: "لم يكن أحد يتمنى أن يؤذي سمعه بتلك الأصوات العاجزة عن النطق إلا بأحرف متحشرجة، ولم يكن أحد من العرب يريد أن يصل به المطاف إلى التمعن في وجوه اعتادت الاستدارة وفق اتجاه أمر العمليات، التي تتحرك بإيماءة من الأميركي أو وفق تعابير وجه الإسرائيلي، لكنها الخلاصة المرة إلى إشعار آخر"، معتبرا أن "قمة الأعراب أقفلت حقائبها على خيبات استرجعت كل ما تراكم، وأسدلت الستائر على الفصول الأخيرة من دفاترها، وهي تعاكس اتجاهات الريح وأشرعتها المترامية على الخيبة والانكسار تتقاذفها أمواج عاصفة تحاول أن توجز في الوصف وأن تمضي في الغثيان السياسي حتى آخره، حيث تمارس طقوس الهزيمة على وقع ما تناثر في يمينها وما تجمع في يسارها".