أُّسدل الستار على العملية الإنتخابية الأولى بعد إنسحاب القوات الأميركية من العراق، حيث أدلى العراقيون بأصواتهم لإنتخاب البرلمان الجديد في أجواء لم تخلُ من العنف والقتل والتفجير. أجواءٌ تنافسية حادة تخللتها صراعات طائفية واكبت الانتخابات التشريعية العراقية، رغم تعويل الناس عليها لانتشال البلد من الإقتتال وإبعاد شبح الحرب الأهلية. الجميع اليوم بات يترقّب النتيجة التي ستتمخض عنها هذه العملية، بعد أن أودعت صناديق الإقتراع في ذمّة المفوّضية العليا المستقلة للإنتخابات لشهرٍ كامل. شهرٌ سيفصل الإنتخابات عن موعد إقرار النتائج، الأمر الذي أثار إستغراب الكثير من المراقبين ورؤساء الكتل السياسية عن المغزى من تأخير الإعلان عن نتيجة الإنتخابات لمدة شهر.

المفوضية العليا برّرت تأجيل الإعلان عن نتيجة الإنتخابات إلى نهاية الشهر الجاري، إلى إعتماد عمليات العد والفرز اليدوي، إضافة إلى كثرة الشكاوى والطعون المقدمة من الأحزاب والكتل السياسية، في وقتٍ طالبت فيه زعامات سياسية ومرجعيات دينيّة بالإسراعِ في إعلان النتائج. وقد كان بارزاً تحذير عضو مجلس أمناء كتلة الأحرار الصدرية علي التميمي من أن عدم الجديّة والمصداقية من قبل مفوضية الإنتخابات سيتشكّل عنه ردّ فعل قوي في العاصمة وباقي المحافظات.

وفي خطوةٍ اعتبرها البعض بأنها سابقة لأوانها وتعطي إنطباعات بوجود تزوير لصالح إئتلاف دولة القانون، خرج رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته ​نوري المالكي​ معرباً عن إطمئنانه من تحقيق الفوز، مؤكداً أن حظوظ كتلته كبيرة وأن عدد المقاعد التي سيحصل عليها هي أكثر من مئة، مشيراً إلى أن ليس هناك خط أحمر بالتحالف مع أي كتلة تؤمن بالعراق الموحّد، على حد تعبيره.

فوز المالكي يفجّر العراق؟!

وفي حديث خاص لـ"النشرة"، إتهم رئيس قائمة "الكرامة" ​خميس خنجر​ المالكي بأنه "مستعدّ لتفجير العراق في حال لم يحصل على مقاعد تخوّله الفوز بالولاية الثالثة، وهو لا يعترف لا بالدستور ولا بالمؤسسات"، معرباً عن تخوفه على مستقبل العراق ووحدته في حال عودة المالكي إلى الحكم، وقال: "كتلتنا والعديد من الكتل ومن ضمنها "القائمة الوطنية" برئاسة إياد علاوي وقّعنا على وثيقة "العهد الوطني"، وأكدنا من خلالها أننا لا نقبل بعودة المالكي مهما كانت الظروف لأننا لا نريد دكتاتوراً آخرَ للعراق".

وفي معرض حديثه عن "تمسّك المالكي ظلماً وقسراً بالحكم"، أشاد بـ"الموقف العظيم الذي عبّرت عنه المرجعيات الدينية حينما أعطت إفتاءات بتحريم إنتخاب الفاسدين والمجرمين وهو كلام موجه إلى دولة القانون"، لافتاً إلى أن "المرجع الديني بشير النجفي أصدر فتوى واضحة بتحريم إنتخاب المالكي".

وعبّر خنجر عن أسفه "لعدم شفافية ونزاهة العملية الإنتخابية بسبب سيطرة كتلة دولة القانون وتسخير سلطة الدولة وثرواتها لخدمة هذه الكتلة، هذا بإعتراف مراقبين، وهذا مخالف للدستور والقانون"، كاشفاً عن "وجود خروقات واضحة سجّلها مراقبو كتلتنا"، لافتاً إلى أنه "وفق الترتيبات الإنتخابية يكون العد الأولي وفي المراكز، ومن ثم العد النهائي في مراكز ثانية، ولكن في الأنبار طُرد المراقبون ولم يكن هناك عدّ أولي على الإطلاق وأخذت الصناديق من دون فرز وهذه مخالفة كبيرة".

ايران ورئاسة الوزراء العراقية

من ناحيته، أكّد رئيس المجلس السياسي لـ"إئتلاف العراق" ​فاضل الدباس​ لـ"النشرة" أن "تشكيل الحكومة في العراق له علاقة بالتحالف الوطني، أي تحالف حزب الدعوة والمجلس الأعلى للتيار الصدري"، مشدداً على أن "إيران لها دور كبير في هذا التحالف، والذي سيتفق عليه التحالف برعاية إيران هو الذي سيكون رئيس الوزراء".

وفي معرض حديثه عن دعوة المالكي الكتل الأخرى للتحالف مع كتلة "دولة القانون"، إعتبر الدبّاس أن "المالكي يسعى من خلال التحالفات إلى حكومة أغلبية من أجل الولاية الثالثة"، متابعاً "نحن نبحث عن أغلبية لا يكون فيها إقصاء أو تهميش لأي مكوّن من مكوّنات الشعب العراقي، وتكون مساعدة على تنتقية الأجواء في المشهد السياسي وتؤمن الإستقرار الأمني".

وأشار الدباس إلى وجود "500 خرق سجّلته المفوّضية، من بينها شراء بطاقات واتفاقيات خارجية مع موظفين في المفوضية"، واصفاً إياها بأنها "ليست خروقات مؤثرة على سير العملية الإنتخابية".

الجيش العراقي عادل في ظلمه

وفي سياق منفصل، إنتقد خنجر تحيّز الجيش العراقي واصفاً إياه بأنه "عادل في ظلمه من الناحية الطائفية"، قائلاً: "كان على الجيش أن يذهب لحماية الحدود ومقاومة الإرهاب والميليشيات التي تقتل في ديالا بدلاً من إنشغاله بتعليق الصور الخاصة لدولة القانون في الشوارع، وإنزال الصور الأخرى وإعتقال الموظّفين"، مضيفاً: "تم إعتقال أكثر من سبعة موظفين من حملتنا الإنتخابية وأخذ منهم تعهدات لعدم الترويج للكتلة على الإطلاق".

وعن العمليات العسكرية في المناطق الوسطى، إتّهم خنجر المالكي بأنه "هو من أجّج الموضوع في الأنبار بتصعيده للخطاب الطّائفي وأمره بدخول القوّات الأمنيّة إلى ساحات الإعتصام وكان الهدف تأجيج الشارع طائفيّاً"، مؤكّداً أن "الشّارع العراقي شعب متصاهر ومتماسك"، لافتاً إلى أن "كل المراقبين كانوا يرون الأنبار منطقة آمنة ومستقلة، وأجهزة الدولة كانت تمارس عملها فيها بمطلق الحرية، والشعب كان يتظاهر بشكل سلمي وينادي ببناء دولة القانون والعدالة".

وعن انتشار المجموعات الإرهابيّة في الأنبار، رأى خنجر أن "المالكي نفسه له علاقات مع هذه المجموعات، بدليل أن وزير العدل في حكومة المالكي صرّح بأنه تم إطلاق سراح مئات المعتقلين الإرهابيّين في سجن أبو غريب"، معتبراً أنها "خدعة من المالكي ليقول للعالم أنه يقاتل داعش".

بإنتظار نتائج الإنتخابات، بعد ثماني سنوات من إضطرابات شهدها العراق خلال فترة حكم المالكي، يرى البعض من المراقبين أن تشكيل الحكومة الجديدة سيكون محطّ جدلٍ واسعٍ. وإذا كانت حكومة المالكي الأخيرة تشكّلت بعد تسعة أشهر من الإنتخابات، فإن الحكومة المنتظرة لن تقلّ بعدد الشهور عنها إذا ما زادت، بحسب مراقبين.

تقرير ​مريم ياغي