السبت المقبل، سيكون الحدث السياسي في المختارة، أو بالأحرى ستكون المختارة هي الحدث بحد ذاته. غداء يقيمه رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" النائب ​وليد جنبلاط​ على شرف رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وذلك بعد وضع حجر الأساس لكنيستي بلدة بريح المدمرتين، وتسليم المنازل المصادرة من قبل دروز البلدة منذ أكثر من ثلاثين عاماً، لأصحابها المسيحيين.

كثيرة هي الشخصيات السياسية والفعاليات الروحية التي ستشارك في هذا الغداء الذي يتضمن أيضاً إستقبالاً لوفود شعبية، غير أن المشاركة الأبرز والتي ستخطف أنظار الصحافيين وأبناء الشوف، تبقى لراعي أبرشية صيدا وبيت الدين ودير القمر للموارنة المطران ​الياس نصار​. فنصار لم يزر المختارة منذ زيارة البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي الثانية الى الشوف بعد انتخابه، يومها دعا نصار جنبلاط الى المشاركة في إستقبال بطريرك انطاكيا وسائر المشرق في دار المطرانية الصيفي في بيت الدين، ولم يلب الزعيم الإشتراكي الدعوة.

قبلها، كانت العلاقة سيئة جداً بين الرجلين، لدرجة رفض وزارة الأشغال العامة والنقل في عهد غازي العريضي تزفيت مدخل المطرانية المستحدث في بيت الدين، لأن جنبلاط لم يكن يريد ذلك، في الوقت الذي كان زفت "الأشغال" يرمى يميناً ويساراً في منطقتي الشوف وعاليه وصولاً الى مداخل المنازل الخاصة. وبعدها ساءت العلاقة أكثر فأكثر وتحديداً في العام 2013 عندما وصل الكباش السياسي الى ذروته على خلفية قانون الإنتخاب واقتراح اللقاء الأرثوذوكسي. في حينه تصدى "البيك" بكل ما لديه لهذا الإقتراح الذي يحصر زعامته بالطائفة الدرزية فقط ويمنعه من إختيار ولو نائب مسيحي واحد، الأمر الذي دفع "سيدنا" الى التكثيف من إطلالاته الإعلامية الموجهة ضد الرأي الجنبلاطي "الذي يسيطر على حصة كبيرة من نواب المسيحيين ويعينهم بإشارة من إصبع الزعيم الدرزي نظراً لقانون الستين غير العادل والقوانين الإنتخابية الأخرى المجحفة بحق المسيحيين".

نعم الرجل سيشارك في غداء المختاره بعد قطيعة دامت طويلاً مع "بيكها". وفي المعلومات أن وفداً من "الحزب التقدمي الإشتراكي" يضم القياديين ناصر زيدان ورضوان نصر برفقة مدير عام وزارة المهجرين أحمد محمود، زار نصار في مطرانية صيدا أول من أمس، حاملاً له دعوة خاصة من جنبلاط. وخلال اللقاء كانت الأجواء إيجابية جداً وتشبه الى حدٍّ كبير ما يحصل في لبنان أخيراً من مصالحات وانفتاح الأفرقاء السياسيين المتخاصمين على بعضهم البعض.

أما السؤال الذي يطرح فهو هل تنعكس زيارة راعي الأبرشية الى دارة الزعيم الدرزي الأول في لبنان ارتياحاً على العلاقة بين المسيحيين والدروز في الشوف عموماً وفي بريح العائدة من التهجير، بعد السبت، بشكل خاص؟ وهل يمكن البناء على هذه الزيارة كإنطلاقة لمسيرة اعادة الشراكة الحقيقية بين المسيحيين والدروز في الجبل بعيداً كل البعد عن منطق التبعية السياسية الذي كان سائداً في السنوات الماضية؟