في شهر آذار، دخل الجيش السوري الى قرى القلمون المحاذية للحدود اللبنانية وقضى بشكل كبير على تواجد المجموعات المسلحة في تلك القرى. بموازاة ذلك، دخل الجيش اللبناني عرسال بفعل الخطة الامنية ووسع من انتشاره فيها حتى وصوله الى نقاط متقدمة من البلدة التي لم يكن قد وصل اليها قبل ذلك.

لكنّ الأمور لم تنتهِ هنا، والتقدّم الذي تحقق لم يقفل جميع الثغرات كما ردّد البعض، ذلك أن دخول الجيش السوري للقلمون ترافق مع دخول مسلحين الى الجرود الممتدة الى حدود الزبداني، واتخاذهم منها مواقعاً لهم، علمًا أنهم لم يدخلوا بشكل كبير الى عرسال بسبب اجراءات الجيش، الا ان البعض نجح في الدخول الى البلدة، كما تؤكد مصادر مطلعة لـ"النشرة".

وبحسب هذه المصادر، فقد أصبح المسلحون محاصرين بالوسط بين الحدود اللبنانية والحدود السورية في مناطق جبلية جردية وعرة بطول 35 كلم تفصل القلمون عن عرسال وحدود لبنان يتخذون منها مواقع لهم ولاعمالهم كإطلاق الصواريخ على اللبوة وبريتال وغيرها من مناطق البقاع. وتكشف أنّ "معابر القلمون التي كانت تدخل منها السيارات المفخخة والسلاح من سوريا الى لبنان وبالعكس ستكون هدف الجيش السوري وحزب الله بعد الانتهاء من معركة المليحة في غوطة دمشق".

وتؤكد المصادر أنّ "المسلحين يسيطرون على المنطقة الفاصلة بين لبنان وسوريا بشكل كامل وعلى جرود فليطا السورية وبعض الجرود في القلمون القريبة من الحدود اللبنانية، ويتحركون بحرية مطلقة رغم محاصرتهم". وتشير إلى أنّ "الدليل على ذلك ان لدى اختطاف احد المصورين منذ عدة أسابيع، نقلته المجموعة الخاطفة الى الداخل السوري من عرسال دون ان يتم توقيفها من اي قوة عسكرية لبنانية او سورية كانت، وتم نقله على دراجات نارية لمسافة تأخذ من الوقت ساعة ونصف". وتوضح المصادر أنّ "المجموعات المسلحة تقوم بعمليات خطف فيما بينها من اجل الحصول على المال والسلاح والطعام من بعضها البعض مقابل اطلاق سراح المخطوفين".

وفي معلومات لـ"النشرة" أنّ "معملاً لتفخيخ السيارات تم انشاؤه في منطقة الرهوة بعرسال، لكن القائمين عليه يجدون صعوبة في تصريف انتاجهم من السيارات المفخخة". وتضيف المعلومات ان "شراسة القتال من قبل المسلحين قبل اسابيع بمواجهة الجيش كانت لمنع تقدمه باتجاه المعمل، وهذا ما يفسر غزارة النيران التي استعملها هؤلاء الارهابيون".

وفي سياق متصل تكشف معلومات "النشرة" ان الشيخ مصطفى الحجيري الملقب بأبو طاقية والذي توارى عن الانظار قبل بدء الخطة الامنية ودخول الجيش الى عرسال، بإيعاز من بعض الجهات السياسية، بات يأخذ من الجرود ملاذاً له بحماية من المجموعات المسلحة من المعارضة السورية، وهو يقوم بمحاولات للهروب خارج لبنان، الا ان محاولاته باءت بالفشل حتى الان.

اذا هناك مجموعة اسئلة تنتظر الاجوبة اللازمة، وهي هل تتحول المنطقة الفاصلة بين لبنان وسوريا والخاضعة لسيطرة بعض المسلحين الارهابيين الى دولة قائمة بحد ذاتها بين دولتين بحدود غير محددة؟ وهل ستبقى هذه المجموعات تتحكم في هذه المنطقة وتطلق الصواريخ على قرى البقاع دون اي رد من الدولة اللبنانية؟ وهل ينجح شخص متهم بأعمال ارهابية بالخروج من لبنان دون محاكمة؟