الحق في الحياة.. هو من الناس حقٌّ مقدس، وفي الأرض سرُّ السعادة والفرح..

الحق هذا شرعة إلهية، نحن في الأرض بابُها، وصُنَّاعُ مجدها، ومن أجل ذلك كان شعار اتحاد المحامين العرب "الحق والعروبة"، وهو من بعد مواثيق والتزامات دولية توّجها الإعلانُ العالمي لحقوق الإنسان، الذي ساهمنا بقوة في ولادته، وكنا مع الأسف في أمتنا العربية أولى ضحايا هضم الحقوق، وما زالت فلسطين الذبيحة شاهداً وشهيدة، تنزف وتنزف حتى اليوم، وما زال الوطن العربي بمجمله تحت وطأة الإرهاب المستفحل.

وعلى هذا الحق في الحياة نصَّ العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والبروتوكول الاختياري الثاني الملحَق به، كما كرّست دساتير العالم العربي في مقدماتها هذا الحق المقدّس.

"ومن الإنصاف والعدل أن نستعيد النداء الأول في محراب العدالة يدوّي بصوت أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه هاتفاً: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً.. فليتذكر العالم، ونحن معه، أننا أمة العدل، وحماة الحرية والكرامة الإنسانية".

مَن تُرى أوْلى بهذا الحق في الحياة من الصامت الأكبر والفاعل الأهم حامي الاستقلال ودرع الكرامة والعنفوان، هي القوة المسلحة التي تعمل لصالح مواطنيها، وليس لمصالح حُكّامها.

وفي الحديث عن القوات المسلحة ورجال الأمن، تصغر الكلمات عن حجم الرجال، وتبقى البلاغة دون مجد الشهداء، ولا يمكن أن نتصوّر وطناً بلا جيش، ولا شعباً آمناً مستقراً بلا رجال أمن وشرطة.

والجيش القوي العصري يصنع الوحدة الوطنية، بل الوحدة العربية، وتزيده الأحداث والخطوب إيماناً وتمسُّكاً بالمبادئ والقيم.

ويبقى هو الطليعة الأمامية في العمل الوطني، بل والقومي، ولا جيشَ قوياً من دون شعب من خلفه وفيّ، يشدَّ أزره، ويمنحه وعائلاته أوسع الحقوق في الحياة الحرة الكريمة.

ولا نستغرب بعد ذلك أن يكون هدف الإرهاب الأول، ضرب هذه القوى المسلحة بالذات، وضرب مراكزها الحامية لأمن الناس، لقد قالها وكتبها الصهيوني وأحد قادة الإرهاب في العالم؛ بنغوريون، في كتابه "الحروب العربية الإسرائيلية": "إن ضمان إسرائيل ليس القنبلة النووية، بل تفكيك كل من مصر والعراق وسورية"، ومن أجل ذلك تُضرَب القوى النظامية في مجتمعاتنا كي يسهل على القوى الصهيونية والأميركية تجزئة وتفكيك وتقسيم بلادنا، وذلك على أيدي الظلاميين الإرهابيين.

حق الشهداء من الجيش والشرطة والمواطنين هو أمانة في أعناق المسؤولين، وفي ضمير الشرفاء، هؤلاء الذين استشهدوا إكراماً ليحيا الوطن.

لنتذكر جميعاً أن صناعة التاريخ ليست صدفة، ولا حظاً، ولا أمراً مرهوناً بالقدر، بل هي تضحيات مشتركة وقيادات عبقرية، فالرجال الرجال وحدهم يصنعون التاريخ.

* الأمين العام لاتحاد المحامين العرب