وصف أسرى فلسطينيون محررون ضمن صفقة "وفاء الأحرار" التي جرى تنفيذها في تشرين الأول 2011، إعادة اعتقال سلطات الاحتلال الاسرائيلي لرفاقهم الأسرى الذين أُفرج عنهم ضمن الصفقة ذاتها، بـ"الصفعة" في حق القيادة المصرية التي رعت هذا الاتفاق منذ البداية، وللقيادة الفلسطينية وحكومة التوافق التي لا تعترف بها "إسرائيل" وهي تضرب بعرض الحائط شروط هذه الاتفاقية وكل الانجازات التي حققها ​الأسرى الفلسطينيون​.

وفي أحاديث منفصلة مع "النشرة"، أكد هؤلاء أنّ "لا ذريعة لدى الاحتلال لاعتقال هؤلاء المحررين إذ لا يوجد أي بند في الصفقة بإعادة اعتقالهم"، في حين قال آخرون أنّ ما حصل كان متوقعًا في ظلّ غياب دور الراعي المصري في الصفقة، إذ إنّ الاحتلال الاسرائيلي اعتقل عشرات المحررين في السابق.

وشنت قوات الاحتلال عملية عسكرية واسعة في 12 حزيران الماضي بمدن ​الضفة الغربية​ المحتلة، حيث داهمت واعتدت على آلاف الفلسطينيين وفرضت طوقاً شاملاً على الضفة، واعتقلت أكثر من 552 فلسطينياً منذ بدء العملية، عقب فقدان ثلاثة مستوطنين في الخليل لا زال الغموض يكتنف اختفاءهم، ومن بين المعتقلين 51 أسيراً محرراً ضمن صفقة "وفاء الأحرار" التي أفرجت "إسرائيل" بمواجبها عن 1027 أسيرًا وأسيرة فلسطينية، مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي الذي كان مختطفاً لدى فصائل ​المقاومة الفلسطينية​ بغزة جلعاد شاليط.

مسألة متوقعة

وفي هذا السياق، أشار الأسير المحرر في صفقة "وفاء الأحرار" هلال جرادات إلى أنّ قيام إسرائيل باعتقال الأسرى المحرّرين ضمن الصفقة الأخيرة يُعد اختراقًا سافرًا، لكنه أوضح أنها "كانت مسألة متوقعة في ظل غياب دور الراعي المصري في الصفقة".

وفي حديث لـ"النشرة"، قال جرادات، الذي أمضى في سجون الاحتلال 27 عاماً بعد أن اعتقل على خلفية مقتل ثلاثة إسرائيليين، إنّ ذلك يشكّل "ضربة للقيادة المصرية ورسالة من إسرائيل للمجتمع الدولي بأنها لا تلتزم بأي اتفاقيات مع الفلسطينيين، وتفعل ما تشاء، وهذا نهجها على مدار التاريخ".

وشدّد جرادات على أن الاحتلال الاسرائيلي لا يفهم إلا لغة القوة والمقاومة، داعياً الفصائل الفلسطينية إلى العمل على تنفيذ عمليات خطف جديدة، كي يذعن الاحتلال ويفرج عن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

مراجعة الراعي المصري

أما الأسير المحرر فريد القيسي، فاعتبر أنّ ما قامت به "إسرائيل" باعتقال المحررين، عمل يتطلب مراجعة الراعي المصري كون مصر هي القائمة والراعية لصفقة "وفاء الأحرار" متسائلاً "على أي أساس يتم إعادة اعتقال هؤلاء الأسرى المحررين وبهذا الشكل الهمجي؟"

وفي حديث لـ"النشرة"، طالب القيسي الذي أمضى في سجن "نفحة" الصحراوي (20 عاماً) مصر بالعمل بشكل فوري وعاجل من أجل العمل على الافراج عنهم ضمن شروط الصفقة، لافتاً إلى أنّ استمرار اعتقالهم سينتج عنه عواقب وخيمة قد لا تحمد عقباها.

وشدّد على أنّ "القيادة الفلسطينية يجب أن تقف موقفًا جادًا تجاه كل ما يحدث في الضفة الغربية وليس فقط اعتقال المحررين".

صفعة..

أما الأسير المحرّر أيمن الشراونة، الذي خرج ضمن صفقة "وفاء الأحرار" وأعُيد اعتقاله في كانون الثاني 2012، حيث صدر بحقه حكمٌ بالسجن الفعلي لـ (38 عاماً) أمضى منهم (10 أعوام)، فيرى أنه لا يوجد ذريعة لدى الاحتلال لاعتقال المحررين، لكنه يؤكد أن هدفه هو تفريغ الصفقة من محتواها، واصفاً إياها بـ "الصفعة" للراعي المصري والجهود الفلسطينية وللرئيس الفلسطيني ​محمود عباس​ وحكومة التوافق الوطني.

ويوضح الشراونة، وهو من مدينة الخليل التي شهدت فقدان المستوطنين الثلاثة، وخاص إضراباً مفتوحاً عن الطعام لـ260 يوماً، وأفرجت "إسرائيل" عنه بعد التوصل إلى صفقة تقضي بإبعاده إلى غزة لمدة 10 سنوات مقابل الإفراج عنه، لـ"النشرة" أن الاحتلال لا يرى أمامه القيادة الفلسطينية والمسؤولين، وهو يضرب بعرض الحائط كل القوانين والانجازات والشروط التي حققها الأسرى.

ويقول: "للأسف الراعي المصري مشغول بقضاياه الداخلية، والاحتلال الآن سيعيد الأحكام على الأسرى المحررين مرة ثانية، باعتباره الرادع الأساسي بالنسبة للاحتلال".

تأكيد ونفي..

سياسياً، أجاب الناطق الرسمي باسم "​حركة حماس​" ​سامي أبو زهري​ خلال مؤتمر صحفي عقده في 19 حزيران الماضي حول اعتداءات الاحتلال في الضفة والتصعيد في غزة واعتقال المحررين، على سؤال لمراسل "النشرة" حول ما إذا كان هنالك وجود لاتصالات مع مصر بشان إعادة اعتقال المحررين بالقول: "الاتصالات مع الأخوة مستمرة على الصعيد الرسمي والشعبي، وندعو القاهرة إلى تحمل مسؤولياتها تجاه إعادة اعتقالهم كونها الراعي للاتفاق"، في حين نفى القيادي البارز في حركة "حماس" ​محمود الزهار​ في تصريح صحفي بعد يوم واحد من مؤتمر "حماس"، يوم السبت 21 حزيران، أنه "لا اتصالات حتى اللحظة مع الجانب المصري حول إعادة قوات الاحتلال اعتقال محرري صفقة وفاء الاحرار في الضفة الغربية مؤخرًا".

ومن المفروض أن تجري حركة "حماس" والقيادة الفلسطينية اتصالات مع مصر بشأن إعادة اعتقال الأسرى المحررين، وفقا لبنود صفقة "وفاء الأحرار" التي توسطت فيها مصر، لكنّ يبدو أن علاقتها المتوترة مع "حماس"، تقف عائقاً أمام ذلك، في وقت يتضح أنّ "إسرائيل" ستستمر في اعتقالهم دون أن تلتفت لبنود الاتفاق ولأي جهة مسؤولة في ظل غياب الوسيط المصري.