تتعاظم الخشية من انفجار أمني كبير في ظلّ معلومات يؤكدها أبناء البقاع الشمالي عن حشود عسكرية مؤللة ينفذها مقاتلون من "حزب الله" في المحيط الأمني لمدينة بعلبك وجوارها بمواجهة تحركات مريبة للمسلحين المتمركزين في الجرود المقابلة الممتدة من عرسال صعودًا باتجاه القلمون السورية، كل ذلك الى جانب تعزيزات للقوى الامنية اللبنانية في مشهد أعاد الى الاذهان التحضيرات السابقة لتنفيذ عملية إعادة انتشار تصب في خانة تعزيز الخطط الامنية التي بدأت تترنح تحت وطأة العودة التدريجية الى الشارع الطرابلسي فضلا عن وصول التكفيريين إلى داخل عرسال وضغطهم المباشر على أبناء المدينة الذين طالما شكلوا لهم الحاضنة الشعبية الآيلة إلى انتهاء مدة صلاحيتها بعد سلسلة الممارسات التي يقوم بها الهاربون من الجبهات السورية.

ويبدو أنّ الحراك البقاعي ليس معزولا عن الأحداث والتطورات المتسارعة في المنطقة وهي بدأت عمليا مع اشتداد ساعد "داعش" وسيطرتها على بعض آبار النفط وتأمينها تمويلا ذاتيا ومبايعة العديد من المجموعات في لبنان واستمرت مع نزول أهالي قادة المحاور في طرابلس إلى الشارع ولم تنتهِ مع البدء بتنفيذ خطة أمنية جديدة في مخيم عين الحلوة الذي تحول في أيامه الأخيرة إلى مقرّ للأصوليين والقادمين من مخيم اليرموك السوري على اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم مرورًا بسباق محموم بين أجهزة المخابرات المحلية والانتحاريين ومن يقف وراءهم من دول وتنظيمات يخشى معه من عمليات إلهاء، بحيث يتمّ التحضير بعيدًا عن الانظار لعمل كبير لا يمكن التكهن بتداعياته على المشهد اللبناني المأزوم.

وتأتي كل هذه التطورات في ظل صراع مكتوم بين تيار المستقبل من جهة والتنظيمات الاسلامية المتنوعة من جهة ثانية. فالاتهامات التي يكيلها الاسلاميون ضد التيار الازرق وممارساته معطوفا على موجة من الظهور الاعلامي للتشكيك به وبقدرته على حماية شارعه تأتي في سياق خطة منظمة توقف عندها قيادي في التيار المذكور ليعتبر أنّ كرة الثلج التي تكبر يوميا ستصل إلى مرحلة الصراع السني – السني. فصحيح أنّ "المستقبل" خسر كثيرًا منذ سقوط ريف حمص ومن بعده القلمون، ولكنّ الأصح أنّ التيار ملزم في هذا الظرف الدقيق والحساس على تعديل مواقفه ودفعها باتجاه المزيد من التشدد السياسي في مقابل الاعتدال في الخطاب المذهبي والطائفي.

ويشير القيادي إلى أنّ قيادة التيار الذي ينتمي إليه تدرك جيدًا أنّ تعاظم نفوذ "داعش" في البقاع الشمالي وطرابلس يأتي على حسابه في ظل غياب التنسيق وشح التمويل وسيطرة بعض رجال الدين على الموقف. بيد أنه لا يوافق على الخطة الأمنية لولا الحسابات هذه خصوصًا أنّ موجة التكفير لن توفره، كما أنها لم ولن توفر أيّ دولة خليجية يمكن أن تصل إليها بدليل الحراك باتجاه المملكة العربية السعودية والتهديدات الموجهة لقطر وللكويت والاردن.

هذا لا يعني بحسب المصدر عينه أنّ هذه الموجة لن تصل الى بيروت وصيدا فحقيقة الأمر أنّ الخلايا التكفيرية تتحرك بنشاط في هذه المناطق الحيوية وتحشد قواها التنظيمية انطلاقا من المخيمات الفلسطينية المنتشرة على طول البلاد وعرضها، فكلام اللواء منير المقدح حول عدم السماح بتحويل مخيم عين الحلوة الى مصنع لتفخيخ السيارات لم يأت من فراغ ولا للتهويل انما استنادا الى معلومات متداولة على اكثر من صعيد ومستوى مفادها نية تحويل المخيمات الى بدائل عن المناطق والقرى التي سقطت بيد الجيش السوري والتي كانت تشكل بمعظمها مقرا وممرا للارهاب والانتحاريين. فكيف الحال بعد ان تحولت دولة الخلافة الاسلامية الى رقم صعب؟