عشر دقائق أو أقل هي الفرصة الأخيرة إما للحياة وإما للموت، تعطيها قوات الاحتلال الاسرائيلي للمواطنين الآمنين في بيوتهم بقطاع غزة، بعد أن تقوم بالاتصال بأحد أفراد العائلة وإيصال رسالة واضحة وصريحة: "أمامكم 10 دقائق من أجل إخلاء المنزل تمهيداً لقصفه".

هذا المشهد أصبح يتكرر عشرات المرات كل يوم مع مئات العائلات الفلسطينية الآمنة في بيوتها، إذ دأبت طائرات الاستطلاع الاسرائيلية على إطلاق صاروخ "تحذيري" على المنزل، ومن ثم بعد إخلائه تطلق الطائرات الحربية الاسرائيلية من طراز (F16) صاروخًا يزن طنًّا، على المنزل ليتم قصفه وتدميره بالكامل.

اتصال وصاروخ..

في مدينة ​خان يونس​ جنوب قطاع غزة، تعمّدت قوات الاحتلال استخدام هذه الطريقة مع منزل المواطن مهدي كوارع، الذي قصفته وقتلت 7 فلسطينيين من بينهم 4 أطفال، إضافة إلى عشرات الاصابات.

ويقول صلاح كوارع (26 عامًا) لـ"النشرة" عن هذه الجريمة: "تلقينا اتصالا إسرائيليًّا على هاتف زوجتي سوسن، ليطلب منها ضابط الاحتلال إخلاء المنزل خلال دقائق، حينها أصبنا بالهستيريا لم نعرف ماذا نفعل، أصبحنا نخرج من المنزل على وجه السرعة حتى قصفت طائرة استطلاع صاروخًا "تحذيريًا" على المنزل".

ويتابع: "حينها تجمع أهالي الحي وأقرباؤنا وحاولوا الصعود فوق سطح المنزل لتشكيل درع بشري للاحتلال منعاً لقصفه، لكن وفي لحظة صعودهم على درج المنزل سقط الصاروخ الثاني وهو من طائرة حربية (F16) ليوقع عددا من القتلى، ويصبح المنزل ركاما".

وقتل في قصف المنزل المكوّن من 3 طوابق ويقطن فيه ما يقارب 33 شخصًا، والموجود في منطقة مأهولة بالسكان 7 مواطنين من بينهم 4 أطفال فيما أصيب العشرات بجروح، وتضررت المنازل المجاورة.

ومع تزايد أعداد المنازل التي استهدفتها طائرات الاحتلال إلى المئات في مختلف مدن قطاع غزة، اتضح انتقاله لمرحلة جديدة من التصعيد العسكري، في محاولة للضغط على المقاومة الفلسطينية لتتوقف عن إطلاق الصواريخ، في وقت تواصل هي الرد والدفاع عن الشعب الفلسطيني بمختلف السبل المتاحة.

سنقاوم..

وفي مشهد موازٍ، ارتكبت قوات الاحتلال الاسرائيلي فجر اليوم مجزرة جديدة بحق عائلة "غنّام" في حي يبنا بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، راح ضحيتها 5 أشخاص وأصيب آخرون بعد أن قصفت منزلهم المكون من 4 طوابق، ودمرته بشكل كامل.

وتقول المواطنة سناء حمدان، التي تقطن بالقرب من المنزل لـ"النشرة": "لقد قصفوه، ودمروه على رؤوسهم بشكل مفاجئ، هؤلاء قتلى، لكنهم لن ينالوا منا ومن عزيمتنا، نحن سنقاوم بأرواحنا وأبنائنا ودمائنا، والله لن يحلموا بنصر مزيّف كما يريدون".

وتؤكد حمدان التي تُصر على المقاومة كغيرها من الفلسطينيين، عدم القبول بأي تهدئة مع الاحتلال الاسرائيلي طالما يرتكب المجازر بحق الفلسطينيين، إلا بفكّ الحصار عن غزة والرضوخ لمطالب المقاومة.

فشل ذريع..

ويرى الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم أنّ استهداف منازل المواطنين جريمة بشعة تستدعي تقديم قادة الاحتلال الاسرائيلي إلى المحاكم الدولية، مشدداً على أنّ من غير المبرر بالمطلق استهداف المواطنين الآمنين في بيوتهم بهذا الشكل الدموي والهمجي.

ويلفت ابراهيم، في حديث لـ"النشرة"، إلى أنّ "إسرائيل فشلت في تحقيق أي من أهدافها في قطاع غزة، فهي تقصف منازل المواطنين وتنتقم من بيوت الناس"، ويضيف: "هذا عدوان بالقتل وإرهاب".

ويوضح إبراهيم أن الاحتلال الاسرائيلي متخبّط ويبحث عن أهداف فعلية لضربها لكنه لا يجد، ما يدفعه لقصف بعض الأماكن أكثر من مرة، ويحاول الآن الانسحاب من الفشل.

تقرير ​محمد فروانة