"هددنا الارهابيون بالقتل فحملنا أغراضنا وهربنا..."، بهذه الكلمات تبدأ شمونة المرأة العراقية الهاربة من ​الموصل​ برفقة ولدين روايتها. هي التي ذاقت الأمرّين في العراق قبل أن تجبرها الظروف على المغادرة وهي تحمل معها الأوراق الثبوتية، وهمّ أولاد بحاجة الى الرعاية والأمان المفقود في تلك الأرض "المغتصبة"، فكان الحل الوحيد الهروب الى لبنان...

لا تعرف شمونة ما ينتظرها، هي التي إختارت الهروب من بطش ارهاب "داعش" بالمسيحيين في العراق، فجاءت تبحث عن راحة البال وعن الاستقرار الغائب منذ زمن.

اقتلاع للسكان الأصليين

لا تعود معاناة المسيحيين في العراق الى مدة قصيرة من الزمن، فمنذ أكثر من عشر سنوات وهم يعانون من الهجمات الإرهابية، الا أن الوضع ساء اليوم كثيراً، بحسب ما يؤكد النائب الأسقفي لكنيسة الكلدان في بيروت الأب دنحا توما يوسف لـ"النشرة"، لافتاً الى أنه "وبعد الأحداث التي هزت العراق في العام 2003 بدأوا بتفجير الكنائس وتهديد الناس الا أن الحالة تدهورت وخسرنا الموصل وهي أكبر مدينة مسيحية". أما خادم كنيسة المشرق الأشورية الأب جورج يوحنا فيرى أن "ما يحصل في الموصل هو اقتلاع السكان الاصليين من أرضهم"، مشيراً الى أن "عدد النازحين من العراق يتجاوز العشرة الاف نازح".

صوت الكنيسة الغربية خجول

ولا شكّ أن الكنيسة تستطيع أن تلعب الدور الأبرز من أجل تغيير مسار الأحداث، فالبابا يوحنا بولس الثاني الّذي يعدّ من أهم وأخطر اللاعبين الذين عجّلوا بسقوط الاتحاد السوفياتي السابق عندما بدأ حملة ناجحة لإسقاط النظام الشيوعي في موطن رأسه بولندا، من خلال دعمه لاتحاد نقابات العمال المستقلة في بولندا حيث ساعدها على الوصول للسلطة لتصبح أول حكومة حرة في المعسكر الشرقي، وعبر مطالبته القوية بحرية الممارسة الدينية في دول العالم الشيوعي وبخاصة في وطنه. الا أنّ وضع الكنيسة راهنًا يختلف عن السابق، وفي هذا الإطار يلفت الأب دنحا الى أن "الكنيسة بدأت تتحرك، فقد نظم سينودوس مسكوني تضامنا مع مسيحيي الموصل ولكن هذا لا يكفي"، أما الأب جورج يوحنا، لفت الى أن "الكنيسة بالعراق لا تملك القدرة وصوت الكنيسة الغربية حتى اليوم خجولا".

مخطط يهودي غربي

يعتبر الاب دنحا اننا "نحتاج الى أكثر من المظاهرات والاستنكارات"، مشدداً على "ضرورة أن تعتمد الكنيسة آليات جديدة توقف آلة التهجير والقتل". بدوره يناشد الأب جورج يوحنا "الكنيسة الغربية بالضغط على حكوماتها لوقف المجازر التي تحصل في العراق وسوريا وفلسطين ومصر"، ومؤكداً أن "هذا المخطط "يهودي غربي" ويهدف لقلع السكان الاصليين من مناطقهم".

إن حملات اضطهاد المسيحيين أخذت منذ القدم مسلكا واحدا هو القضاء عليهم بمختلف الوسائل، وقتل الشعب وتدمير الكنائس وتفجيرها يصب في خدمة تحقيق هذا الهدف الإجرامي والّذي "لن تقوى عليها أبواب الجحيم" (متى 18:16)، إنّما تحتاج الى وحدة مسيحية لتدفع بالقوى الدولية لردع تلك الأعمال "الإرهابية"، وليس محاورة مجموعة من القتلة والارهابيين واستعطافهم، وطلب الرحمة ممّن يستغلّ الدين واسم الله للقيام بالمجازر والتطهير الديني.

تصوير تلفزيوني: ​علاء كنعان