بات انتخاب الشيخ عبد اللطيف دريان مفتياً للجمهورية اللبنانية مسألة أيام، بعدما أزيلت أكثرية العوائق التي كانت تعترض طريق انتخابه، وآخرها «مباركة» مفتي الجمهورية الحالي الشيخ محمد رشيد قباني دعوة رئيس الحكومة تمام سلام إلى انتخاب مفت جديد الأحد المقبل.

هذه الخاتمة السعيدة لأزمة دار الفتوى المستمرة منذ أكثر من 3 سنوات ونصف السنة على الأقل، كانت ثمرة جهود وساطة مصرية مدعومة سعودياً، وحاصلة على ضوء أخضر سوري. وقد تمكّن وفد الوساطة المصرية الذي ضم ديبلوماسيين وأزهريين من تذليل أغلب العقبات والحؤول دون انقسام الساحة السنية الدينية والسياسية واحتمال وصولها إلى مفتيين ومجلسين شرعيين.

نجاح الوساطة المصرية عزّته مصادر مطلعة إلى عوامل عدّة أبرزها ثلاثة: أوّلها قبول الفريقين السنّيين الرئيسيين، تيار المستقبل والقوى السنية في فريق 8 آذار، بالمبادرة وتجاوبهم معها؛ وثانيها النزول عند مطالب المفتي قباني مالياً وإدارياً، ما جعله يعرب في بيان له عن «اطمئنانه إلى أن كل ما تم الاتفاق عليه سيكون مصوناً، لحفظ مكانة مقام الإفتاء الديني، ومكانة المسلمين ومرجعيتهم الدينية».

والعامل الثالث هو «شبه الإجماع على اسم دريان وتزكيته لمنصب المفتي، لأنه يبقى رغم ملاحظات كثيرة عليه أفضل من قباني الذي أوصل الطائفة ودار الفتوى إلى مشارف انقسام حاد»، لافتة الى أن «خريطة الطريق التي وضعت أمام دريان، ولقيت ترحيب أغلب القوى السياسية والدينية السّنية، من شأنها أن تعيد إلى دار الفتوى دورها ومكانتها».

لكن «تزكية» دريان مفتياً بلا منافس، التي سعى الوسطاء إليها، لن يكتب لها النجاح، بعدما أعلنت هيئة العلماء المسلمين أمس ترشيح الشيخ أحمد درويش الكردي لمنصب المفتي. فقد رفضت الهيئة في بيان لها «تهميش دور العلماء في المشاركة بانتخاب رئيسهم الديني، وتفرد السياسيين بترشيح الرئيس الديني للمسلمين».

موقف الهيئة الرافض لتزكية دريان منذ البداية حشرها في الزاوية وجعل تراجعها صعباً، ما أدى، وفق مصادر فيها، الى «انقسام داخلها تمثّل في تبنّي ترشيحها الكردي بالأكثرية وليس بالإجماع»، إذ إن بعض أعضاء الهيئة يدركون أن الكردي لن يحصل سوى على أصوات ضئيلة، فضلاً عن الخشية من استعداء المفتي الجديد مبكراً وانقسام الطائفة السنّية مجدداً، «وهذا أمر لا يصبّ في مصلحة الهيئة ولا في مصلحة الطائفة».

غير أن مصادر متابعة أوضحت لـ«الأخبار» أن هيئة العلماء وحليفتها الجماعة الإسلامية اللتين «خاب رهانهما على إفشال المفتي قباني الوساطة المصرية وإجرائه انتخابات وفق لوائح الشطب الجديدة التي كان يعدّها، تراهنان على تقاطعهما مع معارضي دريان داخل الهيئة الناخبة المصغرة، أمثال مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار وقضاة شرع في بيروت وغيرهم».