عندما يقاتل ​الجيش اللبناني​ فهو لا يقاتل لاجل طرف او جهة او فرد، بل يقاتل لاجل وطن بأكمله ومواطنين بأجمعهم. عندما يحارب جيشنا الارهاب فهو لا يضحي بجنوده لاجل عيون سلطة او منصب، بل يبذل الموت لاجل الحياة، لاجل ان يحيا اللبنانيون بأمان وسلام. رغم كل هذه التضحيات لا يطالب الجيش شعبه برد الجميل، فلا يطلب مكافآت ولا هدايا، ولعل كل ما يطلبه هؤلاء الجنود كلمة شكر او حتى وقفة صلبة من قبل الشعب خلف هذه المؤسسة.

الا ان الشكر كان صعبا على بعض السياسيين، والوحدة السياسية المطلوبة في هكذا ظروف لم تتحقق بشكل كامل، ففي نفس الوقت الذي كان جنود الجيش وضباطه يقاتلون الارهابيين في ​عرسال​ وجرودها ويقدمون الشهيد تلو الآخر، كان عدد من نواب الامة يهاجمونه ويصفونه بأبشع الصفات ويحرضون عليه ويتهمونه بالتبعية لدول واحزاب، وكانت قلّة من اللبنانيين في طرابلس تهاجم مواقعه وتجرح عسكره وتعبئ الشارع الطرابلسي ضده.

تكاتف اللبنانيون بمعظمهم دعما للجيش اللبناني، فغصت وسائل التواصل الاجتماعي بعبارات الدعم والتأييد، كذلك فعل الاعلام اللبناني، فعرض اناشيد الجيش الثورية وابدى دعمه له. وكما الشعب والاعلام كذلك فعل اغلب سياسيي لبنان، بحيث اكدوا على الدعم المطلق للجيش بحربه ضد الارهاب، الا ان عددا من سياسيي الشمال غرد خارج السرب اللبناني، ويمكن القول خارج سرب التيار الذي ينتمي اليه هؤلاء، فمنذ بداية العملية العسكرية في عرسال وجرودها اصدروا البيانات الشاجبة والرافضة لما اسموه "هجوم الجيش على عرسال والثوار داخلها"، وطالبوا بوقف النار واعتماد الحوار مع الارهابيين. فكيف يرى الشارع اللبناني ما يتعرض له الجيش اللبناني وما هو موقفه من النواب المعارضين للجيش؟

تلفزيون "النشرة" جال في بيروت مستطلعًا آراء المواطنين حول عملية الجيش اللبناني وما رافقها من تأييد له وهجوم عليه، والنتيجة كانت ان كل الاراء التي استمعت اليها "النشرة" عبرت عن دعمها المطلق للجيش اللبناني بما يقوم به، على اعتبار انه السدّ المنيع بوجه الارهاب والحامي الأوحد للبنان وشعبه.

"ان الجيش اللبناني هو المؤسسة النظيفة الوحيدة في هذا البلد" حسب ما يقول انطوان لـ"النشرة"، ويتابع: "هؤلاء الجنود يحافظون على كرامتنا بوجه التكفيريين الذين يريدون الغاء لبنان الذي نعرفه، وبالتالي كل من يقف ضد هذه المؤسسة يجب ان يحاكم". اما عامر فيعتبر ان النواب الذين يهاجمون الجيش يجب ان يُسجنوا فورا لأنّهم يحرضون مذهبيا وطائفيا ويريدون اشعال الحرب المذهبية في لبنان.

من جهته يرى محمد ان من واجب كل لبناني شريف ان يدعم جيشه وان يسانده عسكريا، لان المعركة هنا تخص كل لبنان واللبنانيين، مبديا اسفه لبعض الاصوات التي هاجمت الجيش، ومؤكدا ان مكان هؤلاء هو المنفى او السجن، ووافقته بهذا الرأي ليال التي اكدت على واجب دعم الجيش بكل خطوة يتخذها.

أغرق اللبنانيون جيشهم بكلمات الثناء والحب والدعم، فهم يرون فيه امل لبنان بالبقاء حرا ومستقلا، خصوصا بظل ما يجري في المنطقة من تقسيم وقتل وذبح من قبل جماعات بربرية تكفيرية، لا تعرف دينا ولا نبياً، فما بدأ في سوريا وانتقل الى العراق لن ينتقل الى لبنان ما دام الجيش قويا ومستعدا لان يقاتل دون اي اعتبار سياسي او تفاوض مع القتلة، وبظل وجود شعب واع لخطورة المرحلة ويدير اذنه الصماء لكل خطاب تحريضي طائفي مقيت.

تصوير تلفزيوني ​علاء كنعان