لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، كل شيء معطل في بلادي لا ماء ولا كهرباء ولا غذاء ولا استشفاء ولا ايواء ولا كساء وحتى لا هواء نقي ولا بيئة نظيفة ولا شطوط ولا انهر غير ملوثة. ينابيع جافة وارض قاحلة وامن مرتجف وخوف على المصير وبطالة ضارية وهجرة متزايدة وشباب يائس يفتش عن مستقبله وهناء عيشه وراء البحار.

اما الفساد والهدر فحدث ولا حرج فتجدهما في كل مكان من ارض الوطن سواء في الوزارات والادارات والمؤسسات وسائر القطاعات وما يتعلق باملاك الدولة العامة والخاصة: البرية والبحرية والنهرية والجوية والبيئية والحرجية والغابات والمياه الجوفية والالتزامات العامة المشبوهة، وهذا غيض من فيض لا يقل الغلاء عنه خطورة وفداحة في تسجيل رقمه القياسي المتقدم جدا في مجال تفقير وتجويع وازلال وتحقير وتعذيب وتسخير وتركيع المواطن الذي ينشد الامان والاستقرار والعيش الكريم ولو بحده الادنى منذ عشرات السنين ولكن لا حيــــاة لمن تنادي.

اما "المسؤول"، وللاسف الشديد، يزعم بانه يمارس العمل السياسي، واذا بنا نراه يكايد ويناور بضراوة متمادية "لا تعرف تحليلا ولا تحريما" على حساب الشعب ولقمة عيشه، يتمظهر، يطلق الاراء والنظريات مختالا، يجادل ويقارع على وتيرة: "نسمع جعجعة ولا نرى طحنا" او "اسمع تفرح جرب تحزن" دون ان يشعر، او يشعر ولا يبالي، بان الارض تهتز تحت اقدامه كالبركان المتأجج استعدادا للانفجار.

ومن هنا، لا تقللوا يا حضرة اولي الامر من خطورة هذا الوضع عن طريق الاستلشاق والاهمال خدمة لاهوائكم ومطامعكم السياسية، اذ ان المسألة المعروفة بسلسلة الرتب والرواتب، ليست بالشيء الهين ابدا، فهي لم تعد مقتصرة على عملية احتساب ارقام ونسب بل اصبحت قضية وطنية ذات صلة مباشرة بمصير شعب ملّ الانتظار بل تغلغل فيه اليأس والقنوط من امكانية اصلاح وضعه الامني والسياسي والاقتصادي والمالي والاجتماعي والتربوي والثقافي، بعد ان فقد ثقته بكم لانكم برهنتم له عن عجزكم التام وتخاذلكم في ادارة شؤون البلاد على جميع المستويات حتى بلغ بكم الامر الى حد خرق دستوره مرة بعد مرة وانتهاك ديمقراطية نظامه دون ان تدركوا، تعنتا ومكابرة، ان لبنان بطبيعة تكوينه لا يحكم من شخص واحد او ثلاثة او اربعة بل يحكمه شعب يتنشق حرية.

وبعد، لا مناص من القول، ان هيئة التنسيق النقابية قد اضحت قوة وطنية اصلاحية تغييرية بفعل الواقع والتاييد الشعبي العارم لها. وبالتالي فان المسالة قد تخطت بكثير ما سمي "بتصحيح مسابقات التلاميذ" بل هي أصبحت في مرحلة تصليح البلاد من حالة الهدر والفساد والاستبداد التي ابتلعت ثروة الوطن وجرفت معها شحيح دخل الموظفين والاساتذة والمعلمين والعسكريين والمتعاقدين والمتقاعدين والمياومين والمستخدمين والعمال والكادحين والفقراء والمعوزين وحتى التلامذة والطلاب هم من ضحاياها ايضا لانهم ذاهبون الى طريق مسدود (بطالة، هجرة وسوى ذلك).

واخيرا يجب ان نقر بان الضرر قد وقع ولا يمكن تلافيه الا بانتخابات نيابية تجري في مواعيدها ولو استنادا الى قانون 1960 المعدل مهما كانت الظروف والاوضاع الامنية صعبة لان ما هو اصعب منها التمديد للازمات التي استعصت الى حد بعيد لاسيما بسبب تعطيل الحياة الدستورية في البلاد وغل يد الشعب، مصدر السلطات في الدولة وصاحب الرأي الاول والاخير فيها، عن قول ما يريد، ما ادى الى المزيد من الانحراف والتضعضع في خدمة المصالح العامة للبلاد التي امست بحاجة ملحة وضرورية الى اصلاحات واسعة وشفافة، تشمل جميع القطاعات العامة والخاصــة، توطئة لاقرار سلسلة الرتب والرواتب على اسس متينة يرعاها طقم سياسي جديد.