أوضح وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس في حديث صحفي أنّ "عدد النازحين المسجلين في المفوضية مليون و200 ألف، فيما العدد الحقيقي يصل إلى مليون ونصف مليون، فهناك الكثير من السوريين الذين ليسوا على قائمة التسجيل لأنهم لا يريدون ذلك ولا يرغبون في أن تُعرف هوياتهم، خصوصاً المسلّحين الذين دخلوا بطرق غير شرعيّة". وأشار إلى رعاية النازحين المباشرة "التي تتمّ برصد الأموال من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التي تصلها المنح من المانحين الدوليين، والتي هي أقلّ مما هو متوقع والمقدّر بـ53 في المئة، لأنّ المنح التي وصلت قدرت بـ 35 في المئة، الأمر الذي يثير الخشية والخوف من أن يُصاب المانحون بالبرودة، ويُصاب لبنان بمشكلة كبرى أمام شعب نازح مضطر أن يؤيه ويطعمه ويعلّم أولاده ويطبّبه".

ولفت الى "الأعباء التي ترتبت على الوجود السوري، فالإحصاءات أكدت أنّ نسبة البطالة وصلت إلى 14 في المئة، وأنّ الأضرار التي أصابت الاقتصاد في السنتين الماضيتين وفق تقرير البنك الدولي بلغت 7 مليارات ونصف المليار دولار، محسوبة على فارق النمو بين 4 في المئة و2 في المئة ، في حين أنّ النمو تراوح في مرحلة من المراحل بين 7 و8 في المئة ووصل في مرحلة ثانية إلى 0 في المئة، بالتالي فإنّ الأضرار هي أكثر من 13 ملياراً، هذا فضلاً عن أنّ مصروف الخزينة ازداد ملياراً و200 مليون دولار فيما تقلّصت الإيرادات، حيث خسر لبنان إيرادات بما يقارب ملياري دولار سنوياً، فما وصل ويصل من المنح إلى مفوضية اللاجئين لا يدخل منه شيئاً إلى الخزينة، هذا فضلاً عن الكهرباء التي لا نستطيع تغطية حاجات الشعب اللبناني فيها، فنحن نستجرّ من سوريا 100 ميغاواط بالسعر المتداول، والسوريون يستهلكون في لبنان 200 ميغاواط من دون دفع الفواتير، بغضّ النظر عن المدارس التي تعمل بدوام آخر وتستوعب 100 ألف تلميذ سوري من أصل 400 أو 350 ألفاً".

وأشار درباس إلى "وجود أكثر من 1000 مخيم عشوائي منتشر على الأراضي اللبنانية والحبل على الجرار"، موضحا ان "هذه المخيمات غير قادرة على استيعاب أكثر من 18 في المئة من النازحين، وأنّ 85 في المئة من النازحين يتواجدون في المناطق الفقيرة في الشمال والبقاع، مع ما يستتبع ذلك من منافسة العامل اللبناني في سوق العمل".

ورأى ان "المجتمع الدولي يقف متفرّجاً. لا يسعى للحلّ السياسي في سوريا، فهو يتفرّج على ما يجري في أوكرانيا، كما يتفرّج على الأزمات المحدقة بالمنطقة. وفي الوقت عينه المساعدات التي يقدمها دون المستوى المطلوب، فلا يستطيع المجتمع الدولي أن يرسل panadol ويريح ضميره من الألم، فما يجري في المنطقة، هو شريك في جزء كبير منه"، متسائلاً: "لماذا لا تقع النكبات إلا على الدول النامية، والمسألة إذا غرقنا في تفاصيلها نضيع فيما علينا العمل لانتشال أنفسنا من هذه الأزمة".

ودعا درباس الدول العربية إلى "تقاسم أعباء ملف النازحين في الإيواء والاستقبال، وفي الدعم المادي"، مشيرا إلى انه "طرح على مجلس الوزراء القيام بحملة كبرى للذهاب إلى الدول العربية وطلب التعاون والمساعدة في تقاسم الأعباء البشرية".

واعتبر ان "ما يجري اليوم هو أكبر من نكبة فلسطين التي شرّدت مليون فلسطيني، بيد أنّ نكبة سوريا كما سمّاها شرّدت عشرة ملايين سوري بين الداخل والخارج"، مشدّداً على أنّ "لبنان على شفير الغرق ولم يعد قادراً على تحمّل الأزمة، التي تعدّ الأخطر منذ نشوئه وقد تؤدّي إلى زواله واضمحلال الحدود، ورأينا ما جرى في عرسال، والذي لم يعد كلاماً في الهواء بل أصبح واقعاً على الأرض".

وأكد انه "في مجلس الوزراء لا مجال للاختلاف على هذا الملف لأنّ الخطر مشترك ولا يميّز بين منطقة وأخرى ومذهب وآخر، النازحون منتشرون من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب، وأنّ رؤيته العملية لم يعترض عليها أحد لا بل بالعكس أشاد بها وزير الخارجية"، مشيرا إلى ان "تشخيص الأزمة غير مختلف عليه، الا انّ الخلاف هو في كيفية العلاج الذي له أبعاد سياسية واقليمية ودولية".

وتمنّى أن تنتهي الأزمة في سورية اليوم قبل الغد، "فلبنان يحتاج الى ان يستقرّ الوضع هناك لما له من انعكاسات على لبنان، من عودة النازحين إلى بلدهم، مشيراً في الوقت عينه إلى أنّ عودة النازحين اليوم الى سورية ليست في يده، فمن يرغب بالعودة سنسهّل له ذلك، ومن لا يملك أوراقاً نؤمّن له الأوراق".