أكد النائب البطريركي العام للموارنة المطران ​سمير مظلوم​ ان "التحدي الأكبر الذي يواجه المسيحيين اليوم في علاقتهم مع إخوتهم المسلمين في عالم يشكلون فيه معا أكثر من نصف سكانه، هو في الحفاظ على هذا العيش المشترك، ولا سيما في منطقتنا العربية حيث نلاحظ أن الوجود المسيحي هو في تراجع مستمر، في منطقة شكل المسيحيون عنصرا رئيسيا في تاريخها، وهم يصرون على البقاء فيها، والمشاركة في صنع حاضرها ومستقبلها. تعبيرا عن هذه الحالة، قامت لجان حوار كثيرة تنكب على هذا الموضوع، حتى في دول ليس فيها وجود للمسلمين، لكن نتائج هذا الحوار ظلَّت متواضعة، حتى لا نقول إنها شهدت مسيرة تراجعية في أكثر من مكان، ما أصاب القائمين بها بالقنوط والإحباط، ولكن هذا لم يحل دون تصاعد وتيرة المؤتمرات الحوارية، فالحوار هو عملية مستدامة لا بديل منها".

وخلال ندوة بعنوان "العلاقات المسيحية ـ الإسلامية والتحديات الراهنة"، بدعوةٍ من ملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار، رأى انه "من العناصر المؤثرة في تفاقم التحديات، بروز الصراع السني ـ الشيعي بشكل حاد، وهو خلاف كنا في لبنان بعيدين منه، بالرغم من أن جذوره ضاربة في التاريخ. إن عودة التوترات السنية الشيعية تعوق الانفتاح الإسلامي في اتجاه المسيحيين، في وقت أصبح هذا الانفتاح حاجة ملحة، فلا انفتاح مع وجود اختلاف عميق بين المكونين الرئيسيين للاسلام"، محذرا المسيحيين "من الانحياز في اتجاه فريق أو آخر، لأنهم، في النهاية، سيدفعون ثمن هذا الانحياز، بينما رسالتهم تقضي بالعمل على بلورة رؤية مشتركة لمشروع يحظى بالقبول، ويفيد منه الجميع، سنة وشيعة ومسيحيين. إن غياب الرؤية المسيحية والانقسامات الزبائنية الصغيرة التي يعانونها، تزيد في إضعافهم، ما يعطل دورهم في المعادلة الكيانية وفي الحوار المسيحي - الإسلامي".

وشدد على ان "مستقبل المسيحيين في لبنان، وفي الشرق عموما كما مستقبل العيش الإسلامي- المسيحي المشترك، ليسا قاتمين بالضرورة، ولكن لا بدَّ من الإقرار بأنهما واقفان على مفترق خطير، فإما أن نحمل معا مشروعا نهضويا عربياً يشمل المنطقة بأسرها، ويكون لبنان في طليعتها، وإما أن يفقد لبنان رسالته، ويخسر الشرق هذه العلاقة المميزة، وهذه النكهة التي يخصه بها المسيحيون. ومثلما كانت هناك مسؤولية خاصة على المسيحيين العرب في الدفاع عن صورة الإسلام في العالم، وخصوصا بعد أحداث 11 أيلول 2001، فإن مسؤولية المسلمين كبيرة اليوم في الدفاع عن الوجود العربي المسيحي وفاعليته، لأنهم بذلك يدافعون عن أنفسهم، وعن الصورة الحقيقية لإسلام الاعتدال".