انتقد لقاء «سيدة الجبل» مؤتمر الدفاع عن المسيحيين، الذي عقد في واشنطن، لأنه لم يساو بين «داعش» و«النصرة» و«ممارسات النظام في سوريا». في رأيهم، لا يمكن فصل «الخطرين»، وحماية المسيحيين «ليست همّاً جوهرياً»

تقارب قوى الرابع عشر من آذار، وخصوصاً الأمانة العامة، كل المواضيع من منطلق العداء للنظام السوري، حتى ولو كان ذلك على حساب المسيحيين المهدّد وجودهم، مع تصاعد خطر المجموعات الإرهابية. انطلاقاً من هذه الخلفية السلبية، تقارب هذه القوى مؤتمر واشنطن «دفاعاً عن المسيحيين»، الذي جمع الأسبوع الماضي خمسة بطاركة وممثلين عن كل رؤساء الكنائس الأخرى و17 عضواً من الكونغرس ونحو ألف مشارك.

المؤتمر ركز في شكل أساسي على الخطر الذي يحدق بالوجود المسيحي في الشرق، من دون أن يتطرق الى الأنظمة العربية. بل على العكس من ذلك، نقل بعض من كان مشاركاً في الوفد، الذي التقى الرئيس باراك أوباما، أن الأخير أقرّ بأن الرئيس بشار الأسد حمى المسيحيين. الآذاريون رفضوا هذه المقاربة، وربما لو تم التحذير في المؤتمر من خطر «داعش والنظام السوري» على «أبناء المسيح» لكانت تغيّرت القصة.

الحدث الذي استضافته عاصمة القرار العالمي نادر في الشكل. فللمرة الأولى، يجتمع هذا العدد من المرجعيات الروحية والسياسية المتخاصمة للحديث عن خطر المجموعات الإرهابية على المسيحيين في الشرق. ولكن قبل أن يختتم المؤتمر أعماله، فتحت الأمانة العامة لقوى الرابع عشر من آذار النار عليه، رغم مشاركة القوى الرئيسية في هذا التجمع، كتيار المستقبل وحزبي القوات اللبنانية والكتائب، في المؤتمر. ولا يخفي أحد أعضاء الأمانة العامة انتقاده للمشاركة الآذارية، «الكبيرة على مستوى النواب والمستشارين، من باب المزايدة على العونيين، فيما اكتفى التيار الوطني الحر بإرسال مسؤولي الصف الثاني أو حتى الثالث».

الاعتراض جاء أولاً من «لقاء سيدة الجبل» الذي عقد خلوته العاشرة قبل أيام من المؤتمر، وخلص فيه الى المساواة بين «إرهاب داعش وإرهاب الأسد»، وإلى أنه «لا وجود لحل خاص لمشكلات المسيحيين». ومعلوم أن فارس سعيد ورفاقه غالباً ما يلجأون معظم الوقت الى منبر «سيدة الجبل» لتسجيل تمايزهم عن الأحزاب الحليفة. وقد رفض سعيد المشاركة في المؤتمر الذي وجّه إليه رسالة باسم «لقاء سيدة الجبل» تدعو المجتمعين «الى عدم التمييز بين ضحايا أعمال العنف الجارية في مختلف العالم العربي». واعتبر أن «من واجب رؤساء الكنائس المطالبة بحماية المسيحيين من قبل التنظيمات الإرهابية. ولكن لا يمكنهم البقاء صامتين إزاء المجازر التي ترتكب في سوريا. ولا يمكن أن تطالب بحماية الأقليات في العراق ولا تطالب بحماية الأكثرية في سوريا».

ويقول عضو الأمانة إنّ الرسالة واضحة: «لا نجد أنفسنا مضطرين للذهاب إلى أي مكان من أجل مسايرة أحد». ويؤكد أنّ «أي مؤتمر موسع لن يصل الى أي نتيجة، وخصوصاً أنه لا إطار عملياً له... ولم يكن برنامج المؤتمر واضحاً، فخفنا من مفاجآت قد تحرجنا». وينتقد عضو الأمانة المجتمعين في واشنطن لأنّ «همّ حماية المسيحيين لا نعتبره أمراً جوهرياً، فلا يمكنهم المطالبة بحماية الأقليات وينسون الأكثرية التي تتعرض لشتى أنواع التعذيب والإرهاب». ويزيد أنّه طالما أن المجتمع الدولي لم يتحرك «من أجل الناس التي تسقط يومياً في سوريا، فهل ينتظرون منه أن يتحرك من أجل المسيحيين؟». المؤتمر بالنسبة إلى «سيدة الجبل» فشل، «فحتى لو اجتمع كل مسيحيي العالم، لن يتمكن أحد من تغيير استراتيجية الولايات المتحدة في الشرق»، يقول المصدر، نافياً وجود اعتراض «على فكرة المؤتمر أو أي من المنظمين». ولكن، «وجهة نظرنا هي أن الأزمة في المنطقة أزمة إنسان لا أزمة مسيحيين فقط». لذلك، «لا يجوز إغفال تجاوزات الحكم في سوريا».