استبعد محللون ومتابعون أن تحقق زيارة رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدلله ووزرائه إلى قطاع غزة اليوم أيّ نتائج ملموسة على الأرض في ما يتعلق بإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية، مؤكدين أنها تأتي في إطار تمرير موضوع ملف إعمار غزة في مؤتمر المانحين المزمع عقده في القاهرة الأحد المقبل.

ورغم عقد أول جلسة لهذه الحكومة في غزة منذ بداية الانقسام، تجدد الأمل لدى الكثيرين في القطاع المحاصر بإنهاء حالة الانقسام وتحقيق المصالحة، لكنّ الزيارة التي تسبق انعقاد مؤتمر المانحين دلت على أنها تأتي في الإطار المذكور، ولم تحمل بعداً وطنياً وجاءت متأخرة ونتيجة لضغوط عدة مورست على السلطة الفلسطينية في رام الله بحسب البعض.

ومن المقرر أن يصل رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، ووزراء حكومته بالضفة الغربية المحتلة إلى قطاع غزة، في أول زيارة منذ تشكيل الحكومة في الثاني من حزيران الماضي، إذ لم تستلم حكومة التوافق منذ تشكيلها، أعمالها في قطاع غزة؛ لأسباب سياسية متعلقة بالخلافات بين حركتي "فتح و "حماس"، إلى جانب عدم سماح إسرائيل لوزراء الحكومة في الضفة بزيارة غزة.

خطوة إيجابية

ويعتبر أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية ​هاني البسوس​ أنّ الزيارة خطوة إيجابية وجدية سيكون لها تداعياتها على أجواء المصالحة في الضفة الغربية وقطاع غزة، لكنه يشكك في وجود أي تطمينات أو تأكيد في ما يتعلق بموضوع إعادة إعمار قطاع غزة والعمل بالتوازي مع الضفة الغربية المحتلة ودفع رواتب موظفي حكومة "حماس" السابقة على أن تقوم الحكومة فيما بعد بكل الواجبات المنوطة بها.

وفي حديث إللا "النشرة"، يرى البسوس أن زيارة رئيس الوزراء الفلسطيني ووزرائه إلى غزة، تأتي في إطار دعم سكان القطاع، في ظل الاشتراط الأساسي بعدم دعم ملف إعادة إعمار غزة إلا من خلال حكومة التوافق الوطني، لأنّها تعطي مسوغاً للدول المانحة بأن هذه الحكومة تعمل في غزة كي يبدأ الإعمار.

ويضيف البسوس: "نأمل أن يكون هنالك مصداقية في التعامل مع هذه الوحدة، رغم أن الكثير من الآمال والملفات ملقاة على عاتق هذه الحكومة، والوحدة الفلسطينية لن تتحقق بجلسة واحدة تعقد في غزة في ظل ملفات كبيرة لا تزال عالقة".

ويؤكد البسوس أن الزيارة لن تنهي حالة الانقسام الموجودة بين الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، إذ أنه موجود بأشكاله المختلفة.

ويتابع: "الحكومة يفترض أن تعمل على تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمصالحة المجتمعية وغيرها لكن هذا لم يحدث حتى الآن علما أن المدة القانونية لها شارفت على الانتهاء".

ليس لها بعد وطني

أما الكاتب والمحلل السياسي ​وليد المدلل​ فيرى أن الزيارة جاءت متأخرة وبعد ضغوط على الحكومة، مشيراً إلى أن برنامجها محبط ولا يبعث بالأمل بحدوث مصالحة جدية وحقيقية بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

وفي حديث إلى "النشرة"، يوضح المدلل أنه "كان يفترض أن يكون هناك حضور واسع لغزة في لقاء مع رئيس الوزراء ووزراء حكومة التوافق الوطني وقوى المجتمع المدني والشخصيات الاعتبارية والقيادات الرمزية في حركة حماس، لكن ذلك لم يحدث".

ويشير إلى أنّ "جدول الزيارة محبط للآمال، والزيارة كان من المفروض أن تحصل قبل العدوان على غزة، لكن الضغوط حالت دون ذلك".

ويقلل الكاتب المدلل من أهمية هذه الزيارة التي يرى أن ليس لها بُعد وطني، لكنه يقول "إنها جاءت لتمرير موضوع ملف إعادة إعمار قطاع غزة، كي تبدأ حكومة التوافق بجني إيجابيات الإعمار".

مرحلة جديدة

في ذات السياق، يوضح الناطق باسم حكومة التوافق الوطني إيهاب بسيسو، إن هذه الزيارة تؤسس لمرحلة جديدة وقادمة من العمل السياسي الداخلي الفلسطيني والعلاقات الوطنية، لافتاً إلى أنها تأتي في سياق دعم جهود المصالحة وتحقيق الوحدة الوطنية، مشدداً على أن جلسة الحكومة التي ستعقد في غزة ستناقش ملف إعادة إعمار غزة قبل بدء مؤتمر المانحين المزمع عقده الأحد المقبل في القاهرة.

وفي حديث مع "النشرة"، يقول بسيسو إن ​الحكومة الفلسطينية​ تعمل بجدية على إزالة آثار الانقسام والتجهيز للانتخابات الرئاسية والتشريعية، لافتاً إلى أنه مطلوب من كافة الفصائل الفلسطينية تعزيز ودعم هذه الحكومة، وصولاً لإنجاز المصالحة الفلسطينية.

ويضيف: "أهالي قطاع غزة بحاجة لدعم حقيقي بعد ما عانوه من سنوات الانقسام والحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع والعدوان الأخير".

أخيراً تبقى الآمال معقودة على هذه الحكومة في إنجاز ملف إعمار قطاع غزة رغم حالة الانقسام التي لا تزال موجودة حتى الآن بأشكال مختلفة بين الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، ويجب أن تؤسس لمرحلة سياسية جديدة رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها.