تعجّ حقول وكروم الزيتون في الجنوب اللبناني بالمواطنين صغارًا وكبارًا، شيوخًا ونساءً، للعمل على قطاف موسم الزيتون لهذا العام، في وقت يلاحظ المزارعون أنّ الإنتاج يتفاوت بين بلدةٍ وأخرى وإن كان في مطلق الأحوال خفيفًا جدًا قياسًا على ما كان عليه العام الماضي، لأسبابٍ عديدة منها أنّ الإنتاج عادة يكون وفيرًا وقويًا في عام ثمّ ضعيفًا في العام الذي يليه، فضلاً عن قلة الأمطار التي طبعت هذا العام.
13 مليون شجرة زيتون
في لبنان 13 مليون شجرة زيتون على مساحة 57000 هكتار أي ما يقدّر بنسبة 20 بالمئة من مجمل الاراضي الزراعية، ويعتبر الزيتون في المرتبة الثالثة من حيث المساحات الزراعية وهو رمز للسلام والخير والبركة وورد في القرآن الكريم.
وجنوبًا تأتي حاصبيا في المرتبة الأولى المزروعة بالزيتون وتقدّر بمليون شجرة تنتج سنويًا 35 ألف تنكة زيت، تليها مرجعيون حيث يوجد 375 الف شجرة، ثم النبطية التي تنتج 17 الف تنكة زيت، ثم بنت جبيل التي تنتج 10 الاف تنكة زيت، ثم صور، ويسوق انتاج الزيتون الجنوبي محليا للطعام، في وقتٍ بدأ المزارعون يتحدثون عن أن سعر تنكة الزيت سيكون 150 دولارا بسبب قلة الإنتاج، وكيلو الزيتون الممتاز للاكل بـ 10 الى 12 الف ليرة، وبوشر البيع في المعاصر بهذه الاسعار، كما تباع في بلدات جنوبية تنكة الزيت من العام الماضي بمئة دولار حيث ما زال هناك كميات موجودة في الخوابي المعتقة.
العرض قليل والطلب كثير
بحسب نائب رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان حسن فقيه، فإنّ المحصول هذه السنة من الزيتون هو نصف ما كان عليه في السنة الماضية، بل إنّ الموسم يكاد يكون شبه معدوم في مدينة النبطية، وبالتأكيد لن يردّ كلفته على الإطلاق.
وفي حديث لـ"النشرة"، يوضح فقيه أنّ الكميات المزروعة هي كمياتٌ غير منتجة على مستوى كبير، لافتاً إلى أنّ التربة حمراء وهي تربة سيئة إن لم يكن العام ماطرًا، فيما يكون الوضع أفضل حيث تنتشر التربة البيضاء.
ويشدّد فقيه على أنّ الموسم هذا العام ليس موسم لا زيت ولا زيتون، ويلفت في المقابل إلى ظاهرة زحف البناء التي بدأت تحلّ محلّ الزيتون، متحدّثاً عن عمليات نقل الزيتون المعمر إلى بعض القصور والفيلات، واصفاً ذلك بأنه ظاهرة رديئة وسيئة، مستشهدًا في هذا الإطار بما أسماها المجزرة الكبيرة التي حصلت في وادي الحجير حيث تمّ نقل زيتون عمره مئات السنوات وبيعه إلى القصور والفلل ومن ثمّ أزيل من التربة التي كان موجودا فيها.
وفيما يشير فقيه إلى أننا نخسر كلّ عام ما لا يقل عن 20 بالمئة من الزيتون الموجود في الجنوب، يقدّر سعر تنكة الزيت بـ125 دولار وكيلو الزيتون للأكل ما بين 15 و18 ألف ليرة، لافتاً إلى أنّ ندرة الإنتاج هي التي أدت لارتفاع الأسعار خصوصًا أنّ العرض قليل والطلب كثير.
بلدات مختلفة وهمومٌ مشتركة..
وجالت "النشرة" على عددٍ من البلدات الجنوبية، حيث أكد رئيس بلدية زبدين محمد قبيسي أنّ الموسم ضعيف، لافتاً إلى أنّ دور البلدية أن تواكب المزارعين في عملية القطاف تخوفا من القنابل العنقودية الاسرائيلية، وقال: "نحن من الداعمين لزراعة الزيتون في البلدة ونشجعها وندعم كل المزارعين اإذا طلبوا اي مساعدة، ولدينا محاضرات دورية حول دعم الزراعة ومنها زراعة الزيتون لانها شجرة مباركة من الله"، وطالب الدولة بالعناية بقطاع الزراعة ودعم المزارعين لتبقى ارضنا تنبض بالحيوية وبالاخضرار في كل الفصول والمواسم.
وفي السياق نفسه، لفت خليل الجرف من بلدة يحمر إلى أنّ البلدة زراعية في الأساس واعتمادها على موارد الرزق من الزراعة والزيتون والتبغ، إلا أنّ الزيتون هذه السنة يتراجع بانتاجه عن السنة الماضية، كما أشار إلى أنّ المزارعين ما زالوا يعانون خطر القنابل العنقودية الاسرائيلية التي ما زالت منتشرة في بعض الأراضي ما يحرم أصحابها من جني ثمار المحصول، وأكد انه تم تسعير صفيحة الزيت هذه السنة بـ200 الف ليرة وكيلو الزيتون بـ15 الف ليرة.
أما نمر علوية من أرنون، فلفت إلى أنّ الإنتاج قليل، وأنّ ما ينتجه من الزيتون والزيت بالكاد يوزّع على العائلة وأفرادها، وقال: "نقطف الحب عن الاشجار ونحمد الله أنّ الكروم حول المنازل قد نظفها الجيش والفرق المختصة من القنابل العنقودية الاسرائيلية، لكن يبقى هذا الخطر على اطراف البلدة".
وقالت سميحة طباجة من كفرتبنيت من جهتها أنّ إنتاج الزيتون هذه السنة يكاد يكفي للتموين العائلي، وقالت: "لأجل ذلك، نتكاتف كأفراد عائلة حتى لا نتكبد أجرة عمال لأنّ الوضع الاقتصادي ضاغط ولقمة العيش لا تأتي إلا مغمسة بالتعب والعرق والبحث عنها بين المخاطر والمجهول".
بدورها، أشارت مريم سويدان من زوطر إلى أنّ التعب مضنٍ والإنتاج متوسط ولا يردّ التكلفة من الأسمدة والعناية، لافتة إلى أنّ ما تنتجه عائلتها يتحول الى افرادها من زيت وزيتون ولا تبيع منه شيئاً.