لم تكن "التغريدات" التي توجّه بها الناطق باسم "كتائب عبد الله عزام" ​سراج الدين زريقات​، الذي يُقال أنه أصبح "أميراً" لهذا التنظيم، مجرّد نصائح إلى أهل طرابلس فقط، بل هي على ما يبدو خطة جديدة يُراد إعتمادها في المرحلة المقبلة.

بالأمس، حدّد زريقات أسلوب العمل المطلوب من الجماعات الإرهابية في لبنان بشكل علني، ودعا إلى تحييد الأجهزة الأمنية والتركيز على ضرب "حزب الله"، مشدّداً على أنّ المعركة الأساس في لبنان هي مع الحزب، ناصحاً بأن يقتصر التعامل مع الأجهزة الأمنية على منعها من "مداهمة البيوت والاعتداء على الناس فيُرَدّ عدوانهم بقدره ولا ننجرّ لما يريده الحزب".

من وجهة نظر مصادر إسلامية متابعة، هذه الرسالة لا يمكن فصلها عمّا يجري في شمال لبنان، والهدف منها توجيه الخلايا الأمنية النائمة والناشطة إلى أهداف محددة، لمنعها من القيام بـ"أخطاء إستراتيجية" قد تؤدي إلى القضاء عليها سريعاً، حيث كان من الواضح أنّ هناك قراراً بالتعامل معها بحزم، سواء كان ذلك عن طريق الحلول السلمية أو العسكرية.

وتشير هذه المصادر، في حديث لـ"النشرة"، إلى أنّ هذه الجماعات تدرك بأنّ التعامل مع الأجهزة الأمنية الرسمية، على أساس أنها عدو ليس له بيئة حاضنة في الوقت الحالي، في حين أنّ توجيه البوصلة نحو "حزب الله" يؤمّن التعاطف معها من قبل فئاتٍ واسعة، نظراً إلى الإتهامات الكثيرة التي تُوجَّه إلى الحزب، لا سيما على صعيد مشاركته في الحرب الدائرة على الأرض السورية.

وتشدّد هذه المصادر على أنّ التكفيريين يتجنّبون الأجهزة الأمنيّة في الوقت الراهن لأن الامكانيّات غير متوفّرة لذلك وليس لاعتبار أنّهم أصدقاء ولكن للعداوة أولويّة في حساباتهم، وهم يرون أنّ الموعد لم يحن لخوض معركة علنية معها، وبالتالي من المفيد تأجيلها بعض الوقت ومنع إستنفارها ضدها، وقد أُخذت الدروس والعِبَر ممّا حصل مع أحمد الأسير وجماعته في عبرا، وتشير إلى أنّ ذلك يتناغم مع رغبات دولية وإقليمية تريد حصر المواجهة بين هذه الجماعات والحزب، لأن الإستفادة منها لاحقاً ستكون ممكنة من أجل التصويب على سلاح "حزب الله".

من ناحية أخرى، تشبّه مصادر أخرى خطة تعامل التكفيريين مع الحزب، التي تم الإعلان عنها، بتلك التي كانت معتمدة مع الولايات المتحدة الأميركية من قبل تنظيم "القاعدة"، حيث كان التنظيم يدعو إلى تحييد "الطواغيت"، أي الأنظمة القائمة في دول المنطقة، مقابل إستهداف "العدو الأكبر"، أي أميركا وحلفائها، وترى أنّ ما أعلنه زريقات بالأمس يعني أنّ "حزب الله" في هذه المرحلة سيكون هو "العدو الأكبر"، في حين سيكون وضع الأجهزة الأمنية كوضع "الطواغيت".

وتوضح المصادر، في حديث لـ"النشرة"، أنّ العبارات المستخدمة في رسالة زريقات تؤكد هذا الأمر، لا سيما بالنسبة إلى دعوته إلى ضرب "الرأس" وعدم الإنشغال بـ"الأدوات"، وتأكيده على أنّ كسر "الرأس" سيؤدي إلى شلّ "أياديه"، وتلفت إلى خطابات "القاعدة" على مدى السنوات السابقة، التي تعارضت مع أهداف تنظيم "الدولة الإسلامية"، وكانت تعتبر بشكل دائم أنّ ضرب ما تسمّيه بـ"الحلف الصليبي"، المتمثل بأميركا والقوى الغربية المتحالف معها، سوف يؤدّي إلى إسقاط الأنظمة القائمة تلقائياً، وتحذر أيضاً من الإنشغال في مواجهة مع السلطات القائمة في هذه الدول، لأن ذلك لن يوصل إلى أي نتيجة، نظراً إلى أن "الرأس" لن يتضرر منها.

في المحصلة، لم تكن "تغريدات" زريقات رسائل عابرة، بل خطة واضحة يطالب فيها الخلايا الإرهابية على الأراضي اللبنانية بتطبيقها، والهدف منها بشكل أساسي تفجير الوضع الأمني عبر جر البلاد إلى فتنة مذهبية كبيرة.