أشار البطريرك مار اغناطيوس ​افرام الثاني​ خلال مؤتمر عن "الحضور المسيحي - واقع وآفاق وتطلعات"، الى اننا "اليوم نعامل كغرباء في أرضنا، فلا يمكننا القول إن بلدا في الشرق الأوسط سلم من يد الحرب والإرهاب والدمار. وها المشاكل والأزمات تتفاقم وينجم عنها استهداف المسيحيين وترهيبهم حتى يرحلوا مرغومين من بلادهم حيث نشأوا وعاشوا، فصرنا نواجه خيار الموت أو الهجرة. فالعراق يعاني من تدمير الكنائس، وطرد المؤمنين المسيحيين وتهجيرهم قسرا من بيوتهم وقراهم دون السماح لهم حتى بأخذ حاجاتهم الشخصية. وما هذه الحملة المنظمة ضد المسيحيين والأقليات الدينية والعرقية إلا نتيجة التطرف الديني وسياسة إلغاء الآخر التي تهدف إلى إبادة شعب مؤمن، مسالم، ذنبه أنه لم يتخذ من العنف سبيلا ولا من القتل أو الرد بالمثل نهجا. لا بل صبر على تاريخ طويل من الاضطهادات المستمرة والمعاناة التي تطول، محافظا على رسالته السامية، ألا وهي الشهادة للمسيح وعيش تعاليمه ونشر الحضارة والثقافة أينما وجد".

أضاف افرام الثاني "أما في سوريا فالوضع لا يختلف كثيرا ولا يحمل مؤشرات مطمئنة. وذلك بسبب وجود مجموعات إرهابية غريبة لا تعرف القيم والمبادىء التي تربى عليها السوريون تعبث بسلام المواطنين وعيشهم الكريم. وبعد أكثر من سنة ونصف ما زال المطرانان الجليلان مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم وبولس يازجي غائبين عنا، وقضية خطفهما تحمل أكثر من بعد: فعلى صعيد الكنيستين، هي قضية مؤلمة. فغيابهما عن أبرشيتيهما في حلب مع ما تعانيه تلك المدينة من انعدام الأمن وغياب المقومات الضرورية للحياة، أدخل الكنيسة في أزمة حقيقية"، مشيراً الى ان "على صعيد الحضور المسيحي في سوريا، فهي رسالة تهويل وتخويف أراد منفذوها أن يدفعونا إلى ترك الوطن والاستسلام لليأس، ترافقت عمليات الخطف هذه بذبح الكهنة وتدمير الكنائس والمدارس في كل أنحاء سوريا، كأنهم يريدون تدمير الثقافة والحضارة وزرع زؤان التخلف والتطرف، والبارحة، استشهد شخصان أحدهما من أبناء كنيستنا من حي السريان في حلب جراء استمرار الاعتداءات فيها، والمؤسف أن هذه المجموعات الإرهابية المسلحة مدعومة - مع الأسف - من قبل سياسات خارجية تواطأت ضد سوريا وتمول بطرق مباشرة أو غير مباشرة من قبل دول إقليمية لها مصالحها الخاصة".

ولفت الى انه "في لبنان، لم يعد الوجود المسيحي فيه كما كان في عهود سابقة. فالمشاكل التي يتخبط فيها البلد - وإن لم تكن موجهة ضد المسيحيين بشكل مباشر، ولكنها تساهم في تدهور حالهم وتسرع في إفراغ الوطن من مكونه المسيحي الذي يهرع نحو الهجرة كحل يضمن له سلاما وأمنا، وهو ما يحتاجه المسيحي للتطور والعمل والعيش بكرامة، ويقلقنا الوضع في عرسال وطرابلس والشمال حيث تستمر الاعتداءات التي من شأنها زعزعة الأمن والمس بهيبة الجيش اللبناني واستضعاف دوره وأهميته في تعزيز الوحدة الوطنية بين أبناء الوطن جميعهم".