في باكر مسؤوليات سماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بدأت مؤسسة الافتاء والاوقاف مرحلة تطوي بها صفحة مضت وتفتح صفحة شروق جديد.

شروق عهد هيأت له مسيرة التمديد للمجلس الحالي ارضاً صلبة من التأسيس وكان انتخاب سماحته بعد انتهاء ولاية سماحة الشيخ محمّد رشيد قباني قد بسط الشراع في ريح طيبة من مواقف سماحته كانت الأفق الأوسع في مداه الديني والاجتماعي والوطني.

وإذا كان المجلس يطوي صفحة ما مضى فإن حصاد مسارنا ونحن على مفترق هام من عهد جديد بقيادة سماحته قد نشرت حوله بعض الصحف معلومات واتفاقات غير دقيقة مما يلزمنا بأن نحدد مرتكزات أسس التمديد لهذا المجلس ووصولها إلى مقاصدها منذ بدايتها.

فقد حضر دولة رئيس الحكومة متضامناً مع الرؤساء السابقين الذين حضروا معه جلسة 8/11/2009 حين إعترى المؤسسة اتهامات على صفحة الإعلام تُهدّد مصداقيتها وكان لموقعهم المعنوي كأعضاء حكميون في المجلس الشرعي ما سارع بهم إلى تحقيق بالأمر يمسك بزمام مسؤولية المجلس الرقابية والتشريعية في قرار نافذ بذاته.

وهكذا كان من أمر ما هو واقع الإدارة الواهن ان وضعوا بموافقة سماحة مفتي الجمهورية الشيخ محمّد رشيد قباني خطة في بنود أربعة تنطلق من معطيات البناء المؤسسي الذي عبرت عنه المادة 24 من المرسوم الاشتراعي رقم 18/55 في فقرتها الأولى «يعاون مفتي الجمهورية 1- مجالس منتخبة 2- موظفون اختصاصيون وهكذا كان التمديد للمجلس كسلطة تشريعية ورقابية تدرس وتتابع باهتمام نتائج خطة أصحاب الدولة التي تتلخص ببنود اربعة:

1- وضع خطة لتنمية موارد الأوقاف العامة.

2- إعادة تطوير وتحديث وتنظيم الإدارة الوقفية.

3- تكليف مكاتب دراسات متخصصة بالتطوير الإداري والتنمية.

4- إعادة بناء مجالس الإدارة الوقفية والمجلس الشرعي.

هذه الأهداف التي أعلن عنها منذ البداية قد أشار إليها سماحة المفتي السابق امام اللجنة الهندسية التي كلفت تنفيذ الخطة وذلك في 17/2/2010 وفي ظل سياسة التمديد للمجلس.

ولقد كان مسار التمديد للمجلس يسير بمصاحبة سماحة المفتي الشيخ محمّد رشيد قباني عامي 2010 و2011 وقد انصرفت فيها اللجان المكلفة بخطة أصحاب الدولة لمتابعة عملهم حتى كان عام 2012 موعداً لعرض المشروع للمناقشة والتصديق في المجلس الشرعي لولا ان عطل ذلك كله الموقف السلبي الذي اتخذه سماحة المفتي وضجت به الصحافة في الشهر الأخير من ولاية التمديد عام 2012 وكان ذلك حافزاً لاستقلال المجلس الشرعي بمساره منفرداً في بداية عام 2013 حين بات على كل من دار الفتوى والمجلس الشرعي رعاية حدود مسؤولياته.

كان ذلك كلّه يهدف لحماية المؤسسة الوقفية والوفاء لدور المجلس الشرعي في مهمة التطوير والتحديث التي تمت على مسؤولية رئيس الحكومة وأصحاب الدولة مجتمعين كأعضاء في المجلس الشرعي وبحكم القانون.

فقد تولى دولة الرئيس نجيب ميقاتي شؤون لجنة التطوير والتحديث من خلال التعاون مع شركة مختصة ثم تواصل مع دولة الرئيس فؤاد السنيورة لمتابعة الجانب المالي والإداري عبر مؤسسات ثلاث إدارية وهندسية ومالية وذلك كلّه في علم ومتابعة أصحاب الدولة عمر كرامي وسليم الحص وسعد الحريري وكان الهدف لدى الجميع وضع مشروع مقترح تستجيب له نصوص المرسوم رقم 18/55 دون أي تعديل رئيسي فيها يتخذه المجلس الشرعي.

كانت سياسة التمديد للمجلس الشرعي في سلطتيه التشريعية والرقابية جزء من المشروع في هذه المرحلة الاستثنائية وقد حظي بتضامن الهيئة الناخبة في موقف جازم خلال عام 2013 وذلك بالعزوف عن انتخابات يقصد بها تعطيل المسيرة الإصلاحية.

وهنا ومن خلال هذه المبادرة التي تجلّت في رئاسة الحكومة ورؤسائها السابقين ذات المرجعية المعنوية أود ان اشيد بهذا الموقف التضامني بين أصحاب الدولة وقد أرسى سابقة وسنة حسنة في اتحادهم دعمت مسار المجلس إلى النهاية. وقد أعطى هذا الموقف الذي يسجل لهم رافعة مهمة لدور المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى وكانت متابعة الرأي العام ظهير المؤسسة في ثبات مسارها باذن الله وتوفيقه حين تولت الصحافة بسط ما كان يجري عامي 2013 و2014.

وإذا كنا اليوم نطوي صفحة عهد مضى له من المجلس الشرعي كل احترام لسماحته ومودة فان ختام مسيرة التمديد للمجلس الذي سار بخطة التأهيل والتطوير مرحلة متقدمة سوف يسارع خطاه مع اول غيث فيض جاد به مشروع التطوير والتحديث هو انتخاب سماحة الشيخ عبداللطيف دريان مفتياً للجمهورية الذي سوف يحدد موعد الدعوة لانتخاب المجالس الإدارية للاوقاف والمجلس الشرعي حين يرى جهوزية الانتهاء من اعمال المجلس الشرعي التي تعاون سماحته في رعايته للمؤسسة.

وها هو العهد الجديد قد رفع شراعه في مسار يهتف لدعوة جهود من الكفاءة الإدارية والفكرية كي تتنافس في انتخابات المجالس الإدارية والمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في تبادل انمائي بين مؤسسة الأوقاف والفاعلية الاجتماعية والثقافية في حركة المجتمع الاسلامي ومناخ الخير العام.