قد تكون التداعيات التي تركتها الحركات الإرهابية المتطرفة على المسلمين في الدول الغربية هي الأخطر، لا سيما في ظل تنامي موجات عنصرية ضدهم بسبب ما تقوم به تلك الحركات، خصوصاً بعد إقدامها على إعدام عددٍ من مواطني هذه الدول عن طريق الذبح.

منذ أشهر طويلة، تراقب أوروبا حركة الهجرة التي يقوم بها مواطنوها إلى أماكن النزاع في الشرق الأوسط، بعد أن ساهمت في إشعالها، لكن ما لم تكن تتوقعه هو أن تشكل هذه النزاعات مصدر القلق الأول على أمنها القومي، سواء كان ذلك من خلال التهديدات الإرهابية التي باتت بأعلى مستوى، أو عبر الأزمة الإجتماعية القائمة حالياً، في حين كان يعتبر المسلمون في تلك الدول أن أخطر ما قد يتعرضون له هو تكرار هجمات الحادي عشر من أيلول.

خلال الأيام الأخيرة، برزت مؤشرات خطرة، تمثلت بتسجيل 4 إعتداءات على مساجد في السويد خلال 10 أيام، بالإضافة إلى نشر إحصاءات تعكس نمو حركات معادية للإسلام في ألمانيا، حيث تبيّن أنّ مواطناً من أصل 8 مستعدّ للمشاركة في تظاهرة مناهضة للمسلمين، وهذا الأمر يتكرر في أكثر من مكان في العالم.

لهذا الأمر أسباب عديدة، بحسب ما يؤكد نائب الأمين العام لوقف الرسالة الاسكندنافي ​حسين الداودي​، في حديث لـ"النشرة"، فلكل بلد خصوصيته، إلا أنه يشير إلى أن الأسباب تعود بشكل عام إلى عدم حل الصراعات في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى تداعياتها، ناهيك عن ذهاب الشباب المُغرّر بهم من الغرب إلى القتال هناك، لتبث بعد ذلك مقاطع الفيديو عن عمليات القتل والذبح الوحشية.

ويكشف الداودي أن ردة الفعل السلبية تتنامى مع الوقت، وهو لا يخفي مخاوفه في هذا المجال، بالرغم من الثقة التي يعرب عنها بالسلطات السويدية حيث يقيم، ويعتبر أن هناك دوائر خفية تعمل على تأجيج هذا الصراع ضد التواجد الإسلامي في الغرب، مع العلم أنه جزء من المجتمعات القائمة.

ولا ينفي الداودي التأثير السلبي لارتفاع موجة التطرف في الشرق الأوسط عليهم، لا سيما أن هناك جهلاً كبيرًا بالإسلام والمسلمين، ويلفت إلى أنّ الأقليات الموجودة في الغرب هي أصلاً هربت من الحرب والجوع ومن حالة عدم الاستقرار في بلادها، ويشير إلى أن أحداً لا يتنبه إلى أن أغلب الذين يقتلون على أيدي الجماعات الإرهابية هم من المسلمين.

من جانبه، يقرأ مدير عام الأوقاف في دار الفتوى الشيخ ​هشام خليفة​ الأمور بشكل واضح، ويعتبر أن ما يحصل في الغرب اليوم هو من ضمن أهداف التطرف التي وجد من أجلها، فبالإضافة إلى تفريق الأوطان وقتل الناس هناك تشويه صورة ​الاسلام​ التي جعلت الكثيرين يدخلون إلى دين المحبة هذا من دون أي عنف، لكنه يلفت إلى أن المشهد اليوم معاكس، حيث هناك من يدعو إلى القتل والإرهاب وترويع الناس باسم الدين.

ويشير الشيخ خليفة، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن المسلمين بذلوا الكثير من الجهود لتغيير الصورة التي كانت موجودة لدى الأوروبيين في السابق عنهم، ويؤكد أن غالبية الدراسات في المرحلة السابقة كانت تتحدث عن أن الإسلام سيكون الدين الأول في الغرب بعد سنوات قليلة، لكن الأوضاع اليوم باتت مختلفة كلياً بسبب الصورة المسيئة التي تنتشر هناك.

ومن أجل التأكيد على وجهة نظره، يذهب الشيخ خليفة أبعد من ذلك، فيقول بشكل صريح: "نحن اليوم نبذل الجهود لنقنع المسلمين بأن هذه الممارسات ليست من الاسلام، فكيف هو الحال بالنسبة إلى غير المسلم الذي لا يعرف شيئاً عن هذا الدين"، ويضع الجهل على رأس قائمة الأسباب التي أوصلت الأحوال إلى ما هي عليه اليوم.

في المحصلة، ستكون الدول الغربية على موعد مع موجات عنف خطيرة في العام 2015، بدأت ملامحها تظهر من الأيام الأولى لهذا السنة، لأن الحركة الضعيفة الآن ستكبر مع الأيام لتحقيق الأهداف منها.