تتشابه الايام التي تعيشها القضية الفلسطينية في هذه المرحلة مع ما حدث في آخر ايام الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عام 2004 في كثير من الأشكال على الصعيد السياسي والشعبي الفلسطيني.

وتتشابه ايضاً على الصعيد الأمني الداخلي؛ وفعلياً كما عانى عرفات من الحصار الاسرائيلي في رام الله لمدة عامين تقريبا؛ فلقد بداء حصار فعلي آخر مشابه جدا لما حصل وترتفع المخاوف ان يؤول هذا الحصار الى نفس النتيجة كما في ايام "ابو عمار" بعد النشاط التاريخي للرئيس الفلسطيني محمود عباس.

اما على صعيد التضامن والتكاتف العربي فالوضع مختلف تماماً، لا مظاهرات ولا وقفات تضامنية مع السلطة والشعب الفلسطيني في عواصم دول العالم العربي فيما تقوم الدبلوماسية الفلسطينية باكبر حملة دولية منذ قيام الكيان الاسرائيلي على الاراضي الفلسطينية المحتلة.

صدى النشاط الفلسطيني لاقى تضامنًا شعبيًا دوليًا غربيًا وللاسف عربيا وإسلاميا تكاد المنابر تخلو من اي موقف او تصريح الا ما ندر.

الخطوة التاريخية لانضمام دولة فلسطين الى محكمة الجنايات الدولة قابلتها حرب إسرائيلية اميريكية واسعة لما لهذه الخطوة من أهمية في تحول تاريخي لمحاكمة القادة والضباط الاسرائيلين في المحاكم الدولية. فلقد جزم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو و خلفه "البيت الأبيض" بانه "لن يسمح بمقاضاة قادة الكيان في المحاكم الدولية كمجرمي حرب " في تصريح يكاد ان يكون اعترافًا صريحًا بتلك الجرائم المرتكبة في العدوان على غرة وفيما خلفه من الانتهاكات الإسرائيلية.

وفي هذا السياق، صرّحت مصادر فلسطينية ان الخارجية الأميركية لوّحت بوقف المساعدات للسلطة الفلسطينية في حال تقدمت بالطلب للانضمام الى المحكمة الدولية. ولفتت هذه المصادر الى ان السلطة الفلسطينية جادة العمل لتكوين الملف الكامل وضمان حصوله على الأصوات الأكثر في منظمة الامم المتحدة.

كما وجددت المصادر القول ان المخاوف الفلسطينية من قيام اسرائيل بعدوان جديد على غزة ترتفع ولكن هذه المرة خشية من احتلال القطاع. ولا تستبعد المصادر مرافقة هذا العدوان بحملة واسعة في الضفة الغربية.

وابدت المصادر مخاوفها من الصمت العربي والانشغال بالعدو الجديد الذي حقق حتى الان الأهداف التي وجد لاجلها أصلاً، فيما افادت مصادر عسكرية من قطاع غزة ان كل المؤشرات تدل على نوايا العدو بالعدوان على غزة.

وتؤكد هذه المصادر انه كما العدو يعدّ العدة للعدوان على غزة فالمقاومة الفلسطينية ايضاً جاهزة لحماية القطاع وضمان عدم احتلاله وافشال اي نصر للعدو الاسرائيلي.

وقالت المصادر ان خيار احتلال القطاع هو فعلا احد الخيارات امام حكومة العدو التي تبحث عن نصر سياسي بعد الاتهامات الموجهة لحكومة نتانياهو المتأرجحة وكما العادة يلجأ قادة الكيان الى الحروب العسكرية في مثل هذه الاحوال إِلَّا ان العدو والعالم سيتفاجأ بالرد الفلسطيني الحاسم في حال وافقت الحكومة على اي قرار عدوان على الشعب الفلسطيني أكان احتلال او عملية عسكرية.

وبالتالي يختصر المشهد الفلسطيني اليوم بقيادة السلطة الفلسطينية للحرب السياسية وتصعيد الحكومة الإسرائيلية التي تطلق التصريحات يميناً وشمالاً فيما المقاومة الفلسطينية تؤكد الجهوزية لإلحاق الهزيمة بالعدو واستنزافه في حرب لن تخرج المقاومة منها الا منتصرة. ويبقى الرهان على التكامل السياسي والعسكري الفلسطيني وعلى استفاقة الحكومات والشعوب العربية والتضامن بكل الأشكال مع الحقوق الفلسطينية.