فيما يذهب بعض المتفائلين بعيدا بالتصريح الاخير للمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا والذي شدّد فيه على ان الرئيس السوري بشار الاسد سيكون جزءا من الحل المقبل لسوريا، قارئين بشكله وتوقيته اشارة اولى لنضوج الحل السياسي للمنطقة وبالتالي للأزمة الرئاسية اللبنانية، يرى مراقبون آخرون أن الطبخة لا تزال على نار هادئة باعتبار أن اطراف الداخل والخارج على حد سواء ليسوا مستعجلين لملء الشغور في سدة الرئاسة.

وتكشف مصادر واسعة الاطلاع أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري رمى مؤخرا طابة التعطيل في ملعب الموارنة، فهو عندما فاتحه المبعوث الفرنسي فرنسوا جيرو بالملف الرئاسي معاتبا من استمرار الفراغ على ما هو عليه، اشتكى بري من القادة الموارنة الذين "لم ينجحوا وبعد مرور أكثر من 8 أشهر على انتهاء ولاية الرئيس الاسبق ميشال سليمان من التوافق في ما بينهم على رئيس جديد بالرغم من تأكيد القوى الشريكة لهم أكثر من مرة أنّها مستعدة للسير بأي رئيس يتوافقون عليه".

ولعل عدم تردد رئيس المجلس بتبني الموقف الأخير الذي أطلقه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط والذي دعا فيه لاعطاء الموضوع الرئاسي بُعدا وطنيا وعدم حصره بالمسيحيين، يؤشّر لاحتمال الدخول في مرحلة جديدة لتمرير الاستحقاق الرئاسي بممارسة ضغوطات كبيرة على القيادات المسيحية بهدف حسم أمرها وتسمية رئيس واحد يتولى المرحلة.

ويُرجّح متابعون أن تتضاعف هذه الضغوط وتتحول الى اقليمية–دولية في الايام المقبلة مع اقتراب موعد لقاء رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​ برئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون. ولا تستبعد المصادر أن يرضخ جعجع للضغوطات معلنا قبوله بعون رئيسًا راميًا بذلك كرة التعطيل مجددا بملعب قوى "14 آذار" وبعض حلفاء عون المؤيّدين له بالشكل إنّما لن يقبلوا به رئيسًا للجمهورية.

وترى المصادر أن لا رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري ومن خلفه المملكة العربية السعودية، ولا جنبلاط ولا حتى بري بصدد القبول بعون رئيسا توافقيا، وهو ما يؤكد أن الأزمة الرئاسية لم تكن يوما أزمة مسيحية. وتضيف المصادر: "ليس مستبعدا أن يكون هناك رئيسٌ للبلاد في جلسة يحددها بري في 4 آذار المقبل شرط اتمام لقاء عون–جعجع قبل هذا الموعد".

ويقف "حزب الله" حاليا طرفا متفرجا على اللاعبين الرئاسيين، بعدما جّدد الاسبوع الماضي موقفه النهائي من ملف الرئاسة لجهة دعمه ترشيح عون الى أبد الآبدين. وتشير مصادر معنية الى ان الحزب قد يُغامر بكل شيء الا بعلاقته مع العماد عون، وهو ابلغ المعنيين أنّه لن يسمح باستمرار الضغوطات على عون والتي تدفعه لتقديم تنازلات من دون اي مقابل.

وتشير المصادر المطّلعة على أجواء "حزب الله" الى أنه "وإنّ قرّر عون التنازل بموضوع الرئاسة فلن يتنازل الا لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية من منطلق تمسكه بمبدأ وجوب انتخاب رئيس قوي، أما وفي حال اقتضت الظروف السير بتسوية كبيرة في المنطقة فالوزير السابق جان عبيد يبقى الاول بين مشاريع المرشحين".

وتنفي المصادر ان يكون الملف اللبناني مرتبطا وبطريقة مباشرة بالملف النووي الايراني، لافتة الى انّه معلّق حاليا بالمسار السوري-العراقي.

بالمحصلة، يعرف المسيحيّون أن الكرة الرئاسية الملتهبة التي يحملونها بين أيديهم هي من مسؤوليّة اللبنانيين جميعًا وما يتعلّق أيضًا بارتباطاتهم الخارجية، وليست كما يُروى أنها متعلّقة بما يختاره الموارنة فقط، وهي لم تكن كذلك يومًا، طالما هم (اي المسيحيين) غير قادرين على تحقيق اختراقات نوعية لارتباطات معينة، أو لكونهم يرزحون تحت ثقل أحقاد الحروب، يتقن شركاؤهم بالوطن كيفية ابقائهم تحتها.