تفاجأ العالم مؤخّرًا بمجزرة ارتكبها الدّاعشيّون بحقّ 21 رجلاً قبطيًّا سيقوا الى الذبح كحملانٍ لم تفتح فاها و نُحروا بسبب انتمائهم المسيحي. استنفرت مصر بمسلميها ومسيحييها في حين اكتفى العالم العربي والغربي باستنكار هذه الفاجعة التي أودت بحياة رجالٍ عُزَّل لم يكن ذنبهم سوى أنّهم سعَوا وراء لقمة عيش افتقدوها في بلادهم. أين أنتم يا مسيحييّ العالم؟ أين أنتم يا زعماء الدول الكبرى؟ أهكذا تتخلّون عن إخوانكم؟ أهكذا تتركون رجالكم يذبحون وأنتم لا تحرّكون ساكنًا؟ ماذا يفيدنا الاستنكار؟ أوقفوا ضخّ أموالكم للإرهابييّن وارفعوا غطاءكم عنهم وانصروا إخوانكم المظلومين.

منذ بدء الدعوة المسيحيّة بشّر المسيح تلاميذه وأتباعه باضطهادات كثيرة تنتظرهم وبمحاكم ظالمة سيتعرّضون لها وكانت الميتات التي واجهوها أكبر إثبات على تحقيق نبؤات المسيح.

افرحوا أيّها المسيحيّون وابتهجوا فإنّ زمن الشهادة لم ينقطع.

افرحوا أيّها الشهداء فإنّكم نلتم شرف التضحيّة كإسطفانس وبطرس وبولس.

افرحوا أيّها المظلومون لأنّكم سرتم على خطى المسيح.

افرحوا أيّها المقهورون لأنّكم ورثتم الأرض والسماء.

افرحوا أيّها المذبوحون فإنّ دماءكم الممزوجة بماء البحر قد أوصلت تضحياتكم الى أربعة أقطار العالم.

"قايين قايين ماذا فعلت بأخيك" (تك10/4 ) عبارة ما زالت تُسمَع مع كلّ نقطة دمّ تُهدَر على وجه الأرض.

اسمعوني جيّدًا يا أيّها التكفيريّون والمتخلّفون. لا تظنّوا أنّ الإرهاب يرعبنا، أو الذبح يخيفنا أو الاضطهاد يُركعنا. نحن أقوياء بالمسيح الذي يقوّينا (في4/13).

نحن شعبٌ نعشق الشهادة.

نحن قومٌ إذا صُلبَ قام في اليوم الثالث.

نحن أمّة قدّمت على مرّ التاريخ الملايين من الشهداء وها هي مراكز إيطاليا الأثريّة شاهدة على طرق التعذيب والقتل الوحشيّة التي واجهها المسيحيّون الأوائل. ها هي وادي قنوبين تتغنّى بشرف احتضان أجدادنا في كهوفها ومغاورها. لا تظنّوا يا جبناء القرن الحادي والعشرين أنّ خناجركم وناركم وأسلحتكم ستردعنا. أعدكم أيّها المتوحشّون أنّ مصيركم سيكون كمصير الإمبراطورية الرّومانية. سنظلّ نبشّر ونصبر ونصمد حتى نهديكم جميعًا الى الدرب القويم كما هدينا أعظم إمبراطورية عرفها التاريخ.

أرقدوا بسلام يا إخواني المصريين فإنّ دماءكم لن تذهب هدرًا. أرقدوا فنحن أبناء الرّجاء الذي لا يخيّب. أرقدوا فإنّ شهادتكم المسيحيّة لن تُنسى، وما دماؤكم إلاّ نقطة ارتواء لرسالتنا المستمرّة. أعطنا يا ربّ أن نعيش الشهادة المسيحيّة بكلّ معانيها وأبعادها حتى لو كلّفنا ذلك شهادة الدّم المفضي الى الموت والقيامة.