أكد ​الأخضر الإبراهيمي​ أن "الشخص لا يهوى الجري وراء المهمات الصعبة، ولكن الأزمات التي تتطلب جهداً هي صعبة وإلا تم العثور لها على حل . لذلك، عندما طلب مني الأمين العام للأمم المتحدة القيام بدور لوقف الاقتتال في سوريا، وافقت شعوراً مني بأنه يجب أن أقوم بدور بحثاً عن حل، ولابد من حل، سواء كانت هناك فرصة للحل، أو شبه معدومة"، ذاكراً "في لبنان تعرضنا لاطلاق نار مثلاً ".

وأوضح الابراهيمي في حديث لصحيفة "الخيلج" أنه "استقلت من مهمتي لأنني شعرت بأن هناك استحالة لنجاح مهمته عليه أن ينسحب "، مضيفاً "بالنسبة لسوريا، لقد حاولت وبذلت جهداً، لكن الجهات الداخلية والخارجية لم تتعاون معنا بالقدر الممكن، وبالتالي فالاستمرار بالمهمة كان صعباً ".

ورأى الابراهيمي أن "الأزمة السورية أزمة مركبة، والنظام في سوريا يعتبر أنه يتعرض لمؤامرة خارجية، وليس هناك أبعاد داخلية ولايوجد فيها سوريون، جانب المؤامرة "إسرائيلية"، تركية، ثم قال إن هناك سوريين ثم إننا نقوم بحماية شعبنا"، مشدداً على أن "المعارضة مع الأسف الشديد كانت أيضاً مبعثرة ومضعضعة ولاتزال، ومن يؤيدونها لم يساعدوا على توحيد صفوفها "، مشيراً الى أن "الدول التي تؤيد هذه المعارضات لم تكن متفقة، وكل دولة كانت تقول لهم شيئاً مختلفاً، وكان الأمل أن تكون هناك وجهة نظر واحدة في مصلحة المعارضة والشعب السوري، لكن هذا لم يحصل مع الأسف".

واعتبر الابراهيمي انه "في سوريا لايوجد حل عسكري، ولابد من وقف تدفق الأسلحة، وهذا ما اكده أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي، ولابد من التوصل إلى حل سياسي، إلا أن بعض الناس وفي صفوف المعارضة كانت ترى أنه لايوجد إلا الحل العسكري، وأن هذا النظام لن يتغير، وهؤلاء لديهم وجهة نظرهم".

ولفت الابراهيمي الى أن "المبعوث الدولي الجديد ستيفان دي ميستورا يعترف بأن الموضوع ليس سهلاً، وبالتالي لديه بعض الأفكار يحاول تجربتها انطلاقاً من حلب على أساس "تجميد القتال" هناك كما يسميه . الحل في النهاية حل سياسي . لدينا تجربة العراق المريرة من حيث تفكيك الجيش ثم اجتثاث حزب البعث، نأمل عدم تكرار هذه التجربة في سوريا . لكن لاشك نحن نحتاج إلى عملية سياسية بالتأكيد".

وعن الموقف التركي، أوضح الابراهيمي أن "الاتراك اعتبروا أنهم فعلوا كل شيء من أجل حل الأزمة السورية، ويقولون أن أحمد داوود أوغلو عندما كان وزيراً للخارجية زار سوريا حوالي 14 مرة، كما قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بزيارتها حوالي 4 أو 5 مرات، لتشجيع النظام والرئيس السوري بشار الأسد على المبادرة ومدّ اليد للمعارضة والتوصل إلى تسوية معها، ولكنهم فشلوا في محاولاتهم، لأن الرئيس الأسد لن يقبل بأي حل غير العودة إلى ما كان عليه الوضع قبل آذار2011 وبالتالي نحن فقدنا الأمل، ورفعنا أيدينا .

واعتبر الابراهيمي أن "هؤلاء الشباب الذين يفجرون أنفسهم أو يقومون بعمليات إرهابية، عندما ينفذون عملية في باريس أو في الخارج ينفذون ألف عملية في الدول العربية . من ينفذون هذه العمليات هم شباب نحن قمنا بتربيتهم في مدارسنا . لماذا يقوم شاب عمره 20 سنة أو 25 سنة بمثل ذلك؟ هذه أسئلة لم نحاول الرد عليها بشكل كاف. لا شك أن هناك خطأ في مناهج التعليم وفي المدارس وفي التربية والبيئة لأن هؤلاء خرجوا من عندنا "، مشدداً على أن "الخطر سيدوم، ولن ينتهي بسرعة، لكنه سيهزم، وهزيمته تكون بمواجهة صحيحة، من خلال إقامة الحكم الرشيد، ووضع حد للفساد المستشري وإنهاء حالة اليأس، وإعطاء الشباب فرصة للعمل، وإعطاء الحريات "، لافتاً الى أن "مواجهة الإرهاب تختلف من مكان إلى آخر، ما يحصل في سوريا والعراق من ضربات جوية ضرورية، لكن يجب أن تكون جزءاً من مخطط سياسي متكامل . هل يعقل أن يحصل ما حصل في الموصل، أن يقوم رتل من عربات "التويوتا" بالزحف على المدينة ويتم احتلالها بهذه السهولة . لقد سقطت من الداخل .المطلوب خطة سياسية عقلانية طويلة الأمد للمواجهة ".

وراى الابراهيمي أنه "لا بد من تكرار ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة بضرورة التوقف عن تقديم السلاح الجبهات السورية جميعاً . لكننا لا نملك تطبيق قرار المنع ولم نستطع ذلك، فالأسلحة موجودة . إن ما عملنا لأجله هو السلام وليس الحرب ".

وأوضح الابراهيمي "لا أعتقد أن "إسرائيل" في خطر الآن، العرب يقومون بتدمير أنفسهم وبنجاح كبير، إسرائيل" مرتاحة وتحسب الخيرات التي تنزل عليها من السماء .

مصر بلد كبير، ومن الضروري المحافظة عليه، وهي مثل غيرها تحتاج إلى نظام ديمقراطي وتعدد أحزاب مثل أي بلد عربي. فالإسلام السياسي أشكال وأنواع، وفي مصر كان يقال إن الجهة الأساسية في الإسلام السياسي هي جماعة الإخوان المسلمين، فهل هناك إمكانية لانخراط هذه الجماعات في العملية الديمقراطية".

وأشار الابراهيمي الى أن "الرئيس الليبي الراحل العقيد معمر القذافي كان يكدس الأسلحة، وحوّل ليبيا إلى ترسانة سلاح ثقيل وخفيف، وعندما قتل استولت الميليشيات المختلفة على هذا السلاح .ليبيا لها علينا دين، ويجب أن لا نتركها لوحدها، اذ كانت ليبيا قبل اكتشاف النفط فيها من أفقر دول العالم "، متمنياً على "مصر والجزائر تحديداً أن يجدا صيغة لعمل مشترك مع تونس للتعاون من أجل إيجاد صيغة لمساعدة ليبيا، وأن تقف الدول الغربية وراء جهود الدول المجاورة "، مضيفاً "لا شك أن الأزمة تحتاج إلى تدخل عربي، وخصوصاً من جانب مصر والجزائر، وعليهما الاتفاق مع بعضهما ووضع صيغة للحل".