لم تكن جلسة المحاكمة الأولى، التي يغيب عنها عمداً وكيل الدفاع عن الإرهابي ​نعيم عباس​. فإسمه وارد في العشرات من الملفات القضائية التي تدرج في خانة الجنايات، من أحداث عبرا الى التفجيرات الإرهابية التي تبنت "كتائب عبدالله عزام" تنفيذها خلال السنوات الأخيرة في الضاحية الجنوبية والهرمل وغيرها من المناطق، لذلك عليه المثول أمام المحكمة العسكرية بوتيرة شبه أسبوعية، وعلى وكيله أن يحضر كي تكون عملية إستجوابه قانونية بحسب قانون القضاء العسكري. هذا الغياب المتكرر لمحامي الدفاع، يقول عنه إن سببه ناتج عن خلاف بينه وبين رئيس المحكمة العميد خليل ابراهيم، إذ أن الأخير يمنعه من تصوير ملفات وكيله، وبالتالي لا يمكنه أن يدافع عنه من دون الإستحصال على الملف، كما وأنه لا يريد أن يتحمل مسؤولية أي حكم قد يصدر بحق عباس في ظل ظروف محاكمة كهذه.

بغض النظر عن مدى صحة هذا الكلام (كلام وكيل الدفاع عن الارهابي عبّاس) أم لا، يكشف تفسير المتابعين لهذه القضية ما يخبّئه بين سطوره غياب المحامي المتعمد عن حضور الجلسات. ففي جلسة الثلاثاء الفائت لم يتمكن القاضي ابراهيم من استجواب عباس بسبب غياب محاميه، وعلى رغم كل ذلك، أصر الأخير على وكالته لمحاميه، ولم يقبل أن يسحبها لمصلحة محام آخر وكي يتسنى لنقابة المحامين بأن تعيّن له وكيل دفاع يحضر الجلسات ويساعد بسير المحاكمة. وبسبب هذا التمسك بوكالته لمحام يغيب عن الجلسات، تم تأجيل الجلسة الى السابع من نيسان المقبل علّ الإتصالات التي سيقوم بها المحامي محمد مراد، وهو أحد وكلاء الدفاع عن موقوفي عبرا، تثمر حلاً لهذه الأزمة. وهنا يطرح المتابعون السؤال، هل هناك من موقوف يتعمد تأخير سير محاكمته؟

أما الجواب فنعم، "نعم يعمد عباس وفريق دفاعه الى تأخير المحاكمة عبر تطيير الجلسة تلو الأخرى" تقول المصادر القضائية، "والهدف من هذا التأخير هو تأجيل صدور الحكم بحقه، فما دام موقوفاً، وقبل أن يصدر بحقه حكم قضائي، يمكن أن تشمله المقايضة التي تدور المفاوضات حولها بين الدولة اللبنانية وتنظيمي "جبهة النصرة" و"داعش" الإرهابيين، مقايضة العسكريين الأسرى في جرود عرسال بموقوفين إسلاميين في السجون اللبنانية، والتي سبق للمفاوضين أن أبلغوا التنظيمين المذكورين أنها لا يمكن أن تشمل أسماء سجناء صدرت بحقهم أحكام قضائية. فعلى وقع إعادة إحياء مفاوضات المقايضة، وفي الوقت الذي يحكى فيه عن أجواء إيجابية وتقدم، يعمل نعيم عباس على تأجيل صدور الأحكام بحقه.

هذه التسوية التي يراهن الارهابي عباس عليها، وفي حال كتب لها النجاح، لن تمرّ مرور الكرام لدى أهالي شهداء وجرحى التفجيرات الإرهابية التي إستهدفت مدنيين وعسكريين في بئر العبد والرويس وحارة حريك إضافة الى السفارة والمستشارية الإيرانية والهرمل والطيونة وضهر البيدر فالشويفات. "وكيف لا ننسق فيما بيننا تمهيداً للتحرك، عندما نسمع عبر وسائل الإعلام عن نية إطلاق سراح إرهابيين ومن يضمن ألا يكون عباس بين المفرج عنهم، بعدما قتل أولادنا وأهلنا عبر إنتحارييه". ويسأل هؤلاء، "كيف يمكن القبول بإطلاق سراح مجرمين من العيار الثقيل كهؤلاء بهدف إنقاذ العسكريين الرهائن، من دون الأخذ بعين الإعتبار أن نعيم عباس على سبيل المثال لا الحصر، قد يعاود نشاطه الأحب على قلبه بعد ساعات من إطلاق سراحه، فيرسل سيارة مفخخة يقودها انتحاري الى حاجز للجيش وعندها تقع الكارثة، كارثة قد توقع ضحايا بين عسكريين ومدنيين أكثر من العسكريين المخطوفين لدى "جبهة النصرة" و"داعش"، وهذا يسري أيضاً على جمال دفتردار وجمانة حميد وعمر الأطرش وعماد جمعة، واللائحة طويلة".

شكل التحركات يفضل الأهالي عدم الدخول بتفاصيله راهناً، على إعتبار ألا سقف للإحتجاج على إطلاق سراح إرهابيين، إذ يبدأ بقطع طريق هنا أو هناك وينتهي حيث لا تتوقع الدولة، والتجارب السابقة على هذا الصعيد خير دليل على هكذا تهديد لأنه من غير المقبول قتل الشهيد مرتين، مرة عند وقوع التفجير، ومرة أخرى عند إطلاق سراح من خطط وشارك بتفجيره.